للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ هَذَا غَلَطٌ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَة لَا يَجْتَمِعُ الْعُشْرُ وَالْأُجْرَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَمَتَى لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ سَقَطَ عَنْهُ الْعُشْرُ فَكَانَ الْعُشْرُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ الْآخِذِ لِلْأُجْرَةِ فَهَذَا الْإِلْزَامُ سَاقِطٌ عَنْهُ وَقَوْلُ الْقَائِلِ إنَّ أَرْضَ الْخَرَاجِ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لِأَهْلِهَا وَإِنَّهَا مُبْقَاةٌ عَلَى حُكْمِ الْفَيْءِ خَطَأٌ لِأَنَّهَا عِنْدَنَا مَمْلُوكَةٌ لِأَهْلِهَا وَالْكَلَامُ فِيهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَوْلُهُ إنَّ الْخَرَاجَ أُجْرَةٌ خَطَأٌ أَيْضًا مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لا يجوز استيحار النَّخْلِ وَالشَّجَرِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْخَرَاجَ يُؤَدَّى عَنْهُمَا فَثَبَتَ أَنَّهُ لَيْسَ بِأُجْرَةٍ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَصِحُّ إلَّا عَلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَلَمْ يَعْتَقِدْ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ عَلَى أَرْبَابِ أَرَاضِي الْخَرَاجِ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَأَيْضًا فَإِنْ كَانَتْ أَرْض الْخَرَاجِ وَأَهْلُهَا مُقِرُّونَ عَلَى حُكْمِ الْفَيْءِ فَغَيْرُ جائز أن يؤخذ منهم جزية رؤسهم لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ وَمِمَّا يَدُلُّ على انتفاء اجتماع الخراج والعشر تنافى سببهما وَذَلِكَ لِأَنَّ الْخَرَاجَ سَبَبُهُ الْكُفْرُ لِأَنَّهُ يُوضَعُ مَوْضِعَ الْجِزْيَةِ وَسَائِرُ أَمْوَالِ الْفَيْءِ وَالْعُشْرِ سَبَبُهُ الإسلام فلما تنافى سبباهما تَنَافَى مُسَبِّبَاهُمَا

قَوْله تَعَالَى وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وفرشا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَةٌ وَالْحَسَنِ وَابْنِ مَسْعُودٍ رِوَايَةٌ أُخْرَى وَمُجَاهِدٍ قَالُوا الْحَمُولَةُ كِبَارُ الْإِبِلِ وَالْفَرْشُ الصِّغَارُ وَقَالَ قَتَادَةُ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ وَالضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ وَالْحَسَنُ رِوَايَةً الْحَمُولَةُ مَا حَمَلَ مِنْ الْإِبِلِ وَالْفَرْشُ الْغَنَمُ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَةً أُخْرَى قَالَ الْحَمُولَةُ كُلُّ مَا حَمَلَ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالْفَرْشُ الْغَنَمُ فَأَدْخَلَ فِي الْأَنْعَامِ الْحَافِرَ عَلَى الِاتِّبَاعِ لِأَنَّ اسْمَ الْأَنْعَامِ لَا يَقَعُ عَلَى الْحَافِرِ وَكَانَ قَوْلُ السَّلَفِ فِي الْفَرْشِ أَحَدَ مَعْنَيَيْنِ إمَّا صِغَارُ الْإِبِلِ وَإِمَّا الْغَنَمُ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَرَادَ بِالْفَرْشِ مَا خَلَقَ لَهُمْ مِنْ أَصْوَافِهَا وَجُلُودِهَا الَّتِي يَفْتَرِشُونَهَا وَيَجْلِسُونَ عَلَيْهَا وَلَوْلَا قَوْلُ السَّلَفِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا لَكَانَ هَذَا الظَّاهِرُ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِأَصْوَافِ الْأَنْعَامِ وَأَوْبَارِهَا فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ سَوَاءٌ أُخِذَتْ مِنْهَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَيُسْتَدَلُّ بِهِ أَيْضًا عَلَى جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ لِاقْتِضَاءِ الْعُمُومِ لَهُ إلَّا أَنَّهُمْ قَدْ اتَّفَقُوا أَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِالْجُلُودِ قَبْلَ الدِّبَاغِ فَهُوَ مَخْصُوصٌ وَحُكْمُ الْآيَةِ ثَابِتٌ فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا بَعْدَ الدِّبَاغِ وقوله تعالى ومن الأنعام حمولة وفرشا فِيهِ إضْمَارٌ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمْ مِنْ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا

قَوْله تَعَالَى ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ من الضأن اثنين ومن المعز اثنين إلى الظالمين قوله ثمانية أزواج بدل من قوله حمولة وفرشا لِدُخُولِهِ فِي الْإِنْشَاءِ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْشَأَ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>