للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَوَابِ الصَّبْرِ عَلَى الثَّبَاتِ لِجِهَادِ أَعْدَاءِ اللَّه مشركين وذكر عقاب الفرار والثاني ذكر دلائله نعمه عَلَى عِبَادِهِ وَمَا يَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْقِيَامِ بِفَرْضِهِ فِي جِهَادِ أَعْدَائِهِ وَضُرُوبُ هَذِهِ الْأَذْكَارِ كُلِّهَا تُعِينُ عَلَى الصَّبْرِ وَالثَّبَاتِ وَيُسْتَدْعَى بِهَا النَّصْرُ مِنْ اللَّه وَالْجُرْأَةُ عَلَى الْعَدُوِّ وَالِاسْتِهَانَةُ بِهِمْ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ جَمِيعَ الْأَذْكَارِ لِشُمُولِ الِاسْمِ لِجَمِيعِهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وسلم ما يوافقني مَعْنَى الْآيَةِ مَا

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا بشر ابن مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وآله وسلم لا تمنوا لقاء العدو واسئلوا اللَّه الْعَافِيَةَ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّه كَثِيرًا وَإِنْ أَجْلَبُوا أَوْ ضَجُّوا فَعَلَيْكُمْ بِالصَّمْتِ

قَوْله تَعَالَى وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فتفشلوا وتذهب ريحكم أَمَرَ اللَّه تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ وَنَهَى بِهَا عَنْ الِاخْتِلَافِ وَالتَّنَازُعِ وَأَخْبَرَ أَنَّ الِاخْتِلَافَ وَالتَّنَازُعَ يُؤَدِّي إلَى الْفَشَلِ وَهُوَ ضَعْفُ الْقَلْبِ مِنْ فَزَعٍ يَلْحَقُهُ وَأَمَرَ في آية أخرى بطاعة أولاة الْأَمْرِ لِنَفْيِ الِاخْتِلَافِ وَالتَّنَازُعِ الْمُؤَدِّيَيْنِ إلَى الْفَشَلِ فِي قَوْلِهِ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلى الله والرسول وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ أَرَاهُمْ فِي مَنَامِهِمْ قَلِيلًا لِئَلَّا يَتَنَازَعُوا إذَا رَأَوْهُمْ كَثِيرًا فَيَفْشَلُوا

وَرُوِيَ عن النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم أنه قال ولن يغلب اثنى عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ إذَا اجْتَمَعَتْ كَلِمَتُهُمْ

فتضمنت هذه الآية كُلُّهَا النَّهْيَ عَنْ الِاخْتِلَافِ وَالتَّنَازُعِ وَأَخْبَرَ أَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى الْفَشَلِ وَإِلَى ذَهَابِ الدَّوْلَةِ بقوله وتذهب ريحكم وَقِيلَ إنَّ الْمَعْنَى رِيحُ النَّصْرِ الَّتِي يَبْعَثُهَا اللَّه مَعَ مَنْ يَنْصُرُهُ عَلَى مَنْ يَخْذُلُهُ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ قَتَادَةَ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ تَذْهَبَ دَوْلَتُكُمْ مِنْ قَوْلِهِمْ ذَهَبَتْ رِيحُهُ أَيْ ذَهَبَتْ دَوْلَتُهُ

قَوْله تَعَالَى فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الحرب فشرد بهم من خلفهم تَثْقَفَنَّهُمْ مَعْنَاهُ تُصَادِفُهُمْ وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَسَعِيدُ بن جبير فشرد بهم من خلفهم إذَا أَسَرْتهمْ فَنَكِّلْ بِهِمْ تَنْكِيلًا تُشَرِّدُ غَيْرَهُمْ مِنْ نَاقِضِي الْعَهْدِ خَوْفًا مِنْك وَقَالَ غَيْرُهُمْ افْعَلْ بِهِمْ مِنْ الْقَتْلِ مَا تُفَرِّقُ بِهِ مَنْ خَلْفَهُمْ عَنْ التَّعَاوُنِ عَلَى قِتَالِك وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَا أَمَرَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مِنْ التَّنْكِيلِ بِأَهْلِ الردة وإحراقهم بالنيران ورميهم من رؤس الْجِبَالِ وَطَرْحِهِمْ فِي الْآبَارِ ذَهَبَ فِيهِ إلَى أَنَّ تَأْوِيلَ الْآيَةِ فِي تَشْرِيدِ سَائِرِ الْمُرْتَدِّينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>