للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يُوجِبَ لِلْمُلْتَقِطِ مِلْكًا

وَقَدْ رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَوَلَدَتْ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا صَدَاقُهَا بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا وَوَلَدُهَا مَمْلُوكٌ لَهُ

وَهُوَ حَدِيثٌ شَاذٌّ غَيْرُ مَعْمُولٍ عَلَيْهِ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِيهِ أَنَّهُ وَلَدُ زِنًا إذَا كَانَ مِنْ حُرَّةٍ فَهُوَ حَرٌّ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ وَلَدَ الزِّنَا وَاللَّقِيطِ حُرَّانِ قَوْله تَعَالَى وَشَرَوْهُ بثمن بخس دراهم معدودة

قَالَ الْفَرَّاءُ الثَّمَنُ مَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ بَدَلًا مِنْ الْبِيَاعَاتِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ ظَاهِرُ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ سمى الدراهم ثمنا بقوله وشروه بثمن وَقَوْلُ الْفَرَّاءِ مَقْبُولٌ مِنْ طَرِيقِ اللُّغَةِ فَإِذَا أَخْبَرَ أَنَّ الثَّمَنَ اسْمٌ لِمَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا ثُمَّ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى الدَّرَاهِمَ ثَمَنًا اقْتَضَى ذَلِكَ ثُبُوتَهَا فِي الذِّمَّةِ مَتَى جُعِلَتْ بَدَلًا فِي عُقُودِ الْبِيَاعَاتِ سَوَاءٌ عَيَّنَهَا أَوْ أَطْلَقَهَا وَلَمْ يُعَيِّنْهَا لِأَنَّهَا لَوْ تَعَيَّنَتْ بِالتَّعْيِينِ لَخَرَجَتْ مِنْ أَنْ تَكُونَ ثَمَنًا إذْ كَانَتْ الْأَعْيَانُ لَا تَكُونُ أَثْمَانًا فِي الْحَقِيقَةِ إلَّا أَنْ يُجْرِيَهَا الْإِنْسَانُ مَجْرَى الْأَبْدَالِ فَيُسَمِّيهَا ثَمَنًا عَلَى مَعْنَى الْبَدَلِ تَشْبِيهًا بِالثَّمَنِ وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ وَجَبَ أَنْ لَا تَتَعَيَّنَ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ لِأَنَّ فِي تَعْيِينِهَا سَلْبُ الصِّفَةِ الَّتِي وَصَفَهَا اللَّهُ بِهَا مِنْ كَوْنِهَا ثَمَنًا إذْ الْأَعْيَانُ لَا تَكُونُ أَثْمَانًا وَالْبَخْسُ النَّقْصُ يُقَالُ بَخَسَهُ حَقَّهُ إذَا نَقَصَهُ وقوله دراهم معدودة رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ قَالُوا كَانَتْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَعَنْ مُجَاهِدٍ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَقِيلَ إنَّمَا سَمَّاهَا مَعْدُودَةً لِقِلَّتِهَا وَقِيلَ عَدُّوهَا وَلَمْ يَزِنُوهَا وَقِيلَ كَانُوا لَا يَزِنُونَ الدَّرَاهِمَ حَتَّى تَبْلُغَ أُوقِيَّةً وَأُوقِيَّتُهُمْ أَرْبَعُونَ درهما وقال ابن عباس ومجاهد إخوته كَانُوا حُضُورًا فَقَالُوا هَذَا عَبْدٌ لَنَا أَبَقَ فَاشْتَرَوْهُ مِنْهُمْ وَقَالَ قَتَادَةُ بَاعَهُ السَّيَّارَةُ قَوْله تعالى وكانوا فيه من الزاهدين قِيلَ إنَّ إخْوَتَهُ كَانُوا فِي الثَّمَنِ مِنْ الزَّاهِدِينَ وَإِنَّمَا كَانَ غَرَضُهُمْ أَنْ يُغَيِّبُوهُ عَنْ وَجْهِ أَبِيهِمْ

وقَوْله تَعَالَى وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ ينفعنا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَحْسَنُ النَّاسِ فِرَاسَةً ثَلَاثَةٌ الْعَزِيزُ حِينَ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا وَابْنَةُ شُعَيْبٍ حِينَ قَالَتْ فِي مُوسَى يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ حِينَ وَلَّى عُمَرَ

قَوْله تَعَالَى ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما قِيلَ فِي مَعْنَى الْأَشُدِّ إنَّهَا الْقُوَّةُ مِنْ ثَمَانِي عَشْرَةَ إلَى سِتِّينَ سَنَةً وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْأَشُدُّ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً وَقَالَ مُجَاهِدٌ ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً

قَوْله تَعَالَى وَلَقَدْ همت به وهم بها روى عن الحسن بِهِ بِالْعَزِيمَةِ وَهَمَّ بِهَا مِنْ جِهَةِ الشَّهْوَةِ وَلَمْ يَعْزِمْ وَقِيلَ هَمَّا جَمِيعًا بِالشَّهْوَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>