للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَكُونَ مُرَادًا إذَا كَانَ قَاتِلًا كَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ إرَادَتَهُ إذَا كَانَ مَقْتُولًا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ لَيْسَ فِيهِ تَخْصِيصُ الْعَبْدِ مِنْ غَيْرِهِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَدْنَاهُمْ عَدَدًا هُوَ كَقَوْلِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَلَا تَعَلُّقَ لِذَلِكَ فِي إيجَابِ اقْتِصَارِ حُكْمِ أَوَّلِ اللَّفْظِ عَلَى الْحُرِّ دُونَ الْعَبْدِ وَعَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ عَبْدُهُمْ لَمْ يُوجِبْ تَخْصِيصَ حُكْمِهِ فِي مُكَافَأَةِ دَمِهِ لِدَمِ الْحُرِّ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ آخَرُ اسْتَأْنَفَ لَهُ ذِكْرًا وَخَصَّ بِهِ الْعَبْدَ لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْعَبْدِ أَوْلَى بِالسَّعْيِ بِذِمَّتِهِمْ فَإِذَا كَانَ تَخْصِيصُ الْعَبْدِ بِالذِّكْرِ فِي هَذَا الْحُكْمِ لَمْ يُوجِبْ أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا بِهِ دُونَ الْآخَرِ فَلَأَنْ لَا يُوجِبَ تَخْصِيصَ حُكْمِ الْقِصَاصِ أَوْلَى فَإِنْ قِيلَ قَوْلُهُ الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ يَقْتَضِي التَّمَاثُلَ فِي الدِّمَاءِ وَلَيْسَ الْعَبْدُ مِثْلًا لِلْحُرِّ قِيلَ لَهُ فقد جعله النبي صلّى الله عليه وسلم مِثْلًا لَهُ فِي الدَّمِ إذْ عَلَّقَ حُكْمَ التكافؤ منهم بالإسلام ومن قال ليس بمكاف له فهو خارج عَلَى حُكْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخَالِفٌ بِغَيْرِ دَلَالَةٍ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا

مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يَحِلُّ دَمُ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إلَّا فِي إحْدَى ثَلَاثٍ التَّارِكُ لِلْإِسْلَامِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ وَالثَّيِّبُ الزَّانِي وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ)

فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَأَوْجَبَ الْقِصَاصَ فِي النَّفْسِ بِالنَّفْسِ وَذَلِكَ مُوَافِقٌ لِمَا حَكَى اللَّهُ مِمَّا كَتَبَهُ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ فَحَوَى هَذَا الْخَبَرُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ مَا كَانَ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ مِنْ ذَلِكَ فَحُكْمُهُ بَاقٍ عَلَيْنَا وَالثَّانِي أَنَّهُ مُكْتَفٍ بِنَفْسِهِ فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ عَامًّا فِي سَائِرِ النُّفُوسِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ مَا

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ زَكَرِيَّا التُّسْتَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عثمان العسكري أبو معاوية عن إسماعيل ابن مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَمْدُ قَوَدٌ إلَّا أَنْ يَعْفُوَ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ

فَقَدْ دَلَّ هَذَا الْخَبَرُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا إيجَابُ الْقَوَدِ فِي كُلِّ عَمْدٍ وَأَوْجَبَ ذَلِكَ الْقَوَدَ عَلَى قَاتِلِ الْعَبْدِ وَالثَّانِي نَفَى بِهِ وُجُوبَ الْمَالِ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ الْمَالُ مَعَ الْقَوَدِ عَلَى وَجْهِ التَّخْيِيرِ لَمَا اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْقَوَدِ دُونَهُ وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَنَّ الْعَبْدَ مَحْقُونُ الدَّمِ حَقْنًا لَا يَرْفَعُهُ مُضِيُّ الْوَقْتِ وَلَيْسَ بِوَلَدٍ لِلْقَاتِلِ وَلَا مِلْكٍ لَهُ فَأَشْبَهَ الْحُرُّ الْأَجْنَبِيَّ فَوَجَبَ الْقِصَاصُ بَيْنَهُمَا كَمَا يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ إذَا قَتَلَ حُرًّا بِهَذِهِ الْعِلَّةِ كَذَلِكَ إذَا قَتَلَهُ الْحُرُّ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ فِيهِ وَأَيْضًا فَمَنْ مَنَعَ أَنْ يُقَادَ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ فَإِنَّمَا مَنَعَهُ لِنُقْصَانِ الرِّقِّ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>