للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ أَنْ يَأْتِيَ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ

وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ إنَّهُ يَأْتِي الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَذَلِكَ كَفَّارَتُهُ

وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا فِي حَدِيثٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَحْتَجُّ مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ بِظَاهِرِ هَذِهِ الْآيَةِ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ بِالْحِنْثِ وَلَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ كَفَّارَةً وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرُوا دَلَالَةٌ عَلَى سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ بَيَّنَ إيجَابَ الْكَفَّارَةِ فِي قوله وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ وقوله ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَذَلِكَ عُمُومٌ فِيمَنْ حَنِثَ فِيمَا هُوَ خَيْرٌ وَفِي غَيْرِهِ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي شَأْنِ أَيُّوبَ حِينَ حَلَفَ عَلَى امْرَأَتِهِ أَنْ يَضْرِبَهَا وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الْحِنْثَ كَانَ خَيْرًا مِنْ تَرْكِهِ وَأَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِضَرْبٍ لَا يَبْلُغُ مِنْهَا وَلَوْ كَانَ الْحِنْثُ فِيهَا كَفَّارَتهَا لَمَا أُمِرَ بِضَرْبِهَا بَلْ كَانَ يَحْنَثُ بِلَا كَفَّارَةٍ وَأَمَّا مَا

رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خيرا منها فليأت الذي هُوَ خَيْرٌ وَذَلِكَ كَفَّارَتُهُ

فَإِنَّ مَعْنَاهُ تَكْفِيرُ الذَّنْبِ لَا الْكَفَّارَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْكِتَابِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى تَرْكِ طَاعَةِ اللَّهِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحِنْثِ وَالتَّوْبَةِ وَأَخْبَرَ أَنَّ ذَلِكَ يُكَفِّرُ ذَنْبَهُ الَّذِي اقْتَرَفَهُ بِالْحَلِفِ

قَوْله تَعَالَى الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَالضَّحَّاكِ قَالُوا الْخَبِيثَاتُ مِنْ الْكَلَامِ لِلْخَبِيثِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ الْخَبِيثَاتُ مِنْ السَّيِّئَاتِ لِلْخَبِيثِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْأَوَّلِ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ وَقِيلَ الْخَبِيثَاتُ مِنْ النِّسَاءِ لِلْخَبِيثِينَ مِنْ الرِّجَالِ عَلَى نَحْوِ قَوْلِهِ الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنَّ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ بِمَا ثَبَتَ فِي مَوْضِعِهِ.

بَابُ الِاسْتِئْذَانِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَإِبْرَاهِيمَ وقتادة قالوا الاستيناس الِاسْتِئْذَانُ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا بِالْإِذْنِ وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ هذا الحرف حتى تستأذنوا وَقَالَ غَلِطَ الْكَاتِبُ وَرَوَى الْقَاسِمُ بْنُ نَافِعٍ عن مجاهد حتى تستأنسوا قَالَ هُوَ التَّنَحْنُحُ وَالتَّنَخُّعُ وَفِي نَسَقِ التِّلَاوَةِ ما دل

<<  <  ج: ص:  >  >>