للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيَّامَ حَيَاتِهِ وَوَصِيَّتُهُ لَهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ الْجُرْجَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً قَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَك ذُو قَرَابَةٍ لَيْسَ عَلَى دِينِك فَتُوصِي لَهُ بِشَيْءٍ هُوَ وَلِيُّك فِي النَّسَبِ وَلَيْسَ وَلِيَّك فِي الدِّينِ

وقَوْله تَعَالَى لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَحْتَجُّ بِهِ فِي وُجُوبِ أَفْعَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلُزُومِ التَّأَسِّي بِهِ فِيهَا وَمُخَالِفُو هَذِهِ الْفِرْقَةِ يَحْتَجُّونَ بِهِ أَيْضًا فِي نَفْيِ إيجَابِ أَفْعَالِهِ فَأَمَّا الْأَوَّلُونَ فَإِنَّهُمْ ذَهَبُوا إلَى أَنَّ التَّأَسِّي بِهِ هُوَ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَذَلِكَ عُمُومٌ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ جَمِيعًا فَلَمَّا قَالَ تَعَالَى لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ إذْ جَعَلَهُ شَرْطًا لِلْإِيمَانِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَنَحْوَهُ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمَقْرُونَةِ إلَى الْإِيمَانِ فَيَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ وَاحْتَجَّ الْآخَرُونَ بِأَنَّ قَوْلَهُ لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ النَّدْبَ دُونَ الْإِيجَابِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى لَكُمْ مِثْلَ قَوْلِ الْقَائِلِ لَك أَنْ تُصَلِّيَ وَلَك أَنْ تَتَصَدَّقَ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الْوُجُوبِ بَلْ يَدُلُّ ظَاهِرُهُ عَلَى أَنَّ لَهُ فِعْلَهُ وَتَرْكَهُ وَإِنَّمَا كَانَ يَدُلُّ عَلَى الْإِيجَابِ لَوْ قَالَ عَلَيْكُمْ التَّأَسِّي بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الْوُجُوبِ بَلْ دَلَالَتُهُ عَلَى النَّدْبِ أَظْهَرُ مِنْهَا عَلَى الْإِيجَابِ لِمَا ذَكَرْنَا ومع ذلك وَرَدَ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ لَمَا دَلَّ عَلَى الْوُجُوبِ فِي أَفْعَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ التَّأَسِّي بِهِ هُوَ أَنْ نَفْعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ وَمَتَى خَالَفْنَاهُ فِي اعْتِقَادِ الْفِعْلِ أَوْ فِي مَعْنَاهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَأَسِّيًا بِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا فَعَلَهُ عَلَى النَّدْبِ وَفَعَلْنَاهُ عَلَى الْوُجُوبِ كُنَّا غَيْرَ مُتَأَسِّينَ بِهِ وَإِذَا فَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِعْلًا لَمْ يَجُزْ لَنَا أَنْ نَفْعَلَهُ عَلَى اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ فِيهِ حَتَّى نَعْلَمَ أَنَّهُ فَعَلَهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِذَا عَلِمْنَا أَنَّهُ فَعَلَهُ عَلَى الْوُجُوبِ لَزَمَنَا فِعْلُهُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ لَا مِنْ جِهَةِ هَذِهِ الْآيَةِ إذْ لَيْسَ فِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى الْوُجُوبِ لَكِنْ مِنْ جِهَةِ مَا أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِاتِّبَاعِهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْآيَةِ

وقوله تعالى وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ قِيلَ إنَّهُ وَعَدَهُمْ أَنَّهُمْ إذَا لَقُوا الْمُشْرِكِينَ ظَفِرُوا بِهِمْ وَاسْتَعْلَوْا عَلَيْهِمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَقَالَ قَتَادَةُ الَّذِي وَعَدَهُمْ فِي قَوْلِهِ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ الْآيَةَ وقَوْله تَعَالَى وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً إخْبَارٌ عَنْ صِفَتِهِمْ فِي حَالِ الْمِحْنَةِ وَأَنَّهُمْ ازْدَادُوا عِنْدَهَا يَقِينًا وَبَصِيرَةً وَذَلِكَ صِفَةُ أَهْلِ الْبَصَائِرِ فِي الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ

وقَوْله تَعَالَى فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ قِيلَ إنَّ النَّحْبَ النَّذْرُ أَيْ قَضَى نَذْرَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>