للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ كَانَ فِيهَا أُسَارَى وَأَطْفَالٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُحَرِّقُوا الْحُصُونَ وَيَقْصِدُوا بِهِ الْمُشْرِكِينَ وَكَذَلِكَ إنْ تَتَرَّسَ الْكُفَّارُ بِأَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ رُمِيَ الْمُشْرِكُونَ وَإِنْ أَصَابُوا أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ فَلَا دِيَةَ وَلَا كَفَّارَةَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ فِيهِ الْكَفَّارَةُ وَلَا دِيَةَ فِيهِ وَقَالَ مَالِكٌ لَا تُحَرَّقُ سَفِينَةُ الْكُفَّارِ إذَا كَانَ فِيهَا أُسَارَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً إنَّمَا صُرِفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمْ لَمَّا كَانَ فِيهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ تَزَيَّلَ الْكُفَّارُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ لَعَذَّبَ الْكُفَّارَ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إذَا تَتَرَّسَ الْكُفَّارُ بِأَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يرموا لقوله وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ الْآيَةَ قَالَ وَلَا يُحَرَّقُ الْمَرْكَبُ فِيهِ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ وَيُرْمَى الْحِصْنُ بِالْمَنْجَنِيقِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ أُسَارَى مُسْلِمُونَ فَإِنْ أَصَابَ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ خَطَأٌ وَإِنْ جَاءُوا يَتَتَرَّسُونَ بِهِمْ رُمِيَ وَقُصِدَ الْعَدُوُّ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا بَأْسَ بِأَنْ يُرْمَى الْحِصْنُ وَفِيهِ أُسَارَى أَوْ أَطْفَالٌ وَمَنْ أُصِيبَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَلَوْ تَتَرَّسُوا فَفِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا يُرْمَوْنَ وَالْآخِرُ لَا يُرْمَوْنَ إلَّا أَنْ يَكُونُوا مُلْتَحِمِينَ فَيُضْرَبُ الْمُشْرِكُ وَيَتَوَقَّى الْمُسْلِمُ جَهْدَهُ فَإِنَّ أَصَابَ فِي هَذِهِ الْحَالِ مُسْلِمًا فَإِنْ عَلِمَهُ مُسْلِمًا فَالدِّيَةُ مَعَ الرَّقَبَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ مُسْلِمًا فَالرَّقَبَةُ وَحْدَهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ نَقَلَ أَهْلُ السِّيَرِ

أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاصَرَ أَهْلَ الطَّائِفِ وَرَمَاهُمْ بِالْمَنْجَنِيقِ مَعَ نَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ

وَقَدْ عَلِمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَدْ يُصِيبُهُمْ وَهُوَ لَا يَجُوزُ تعمد بِالْقَتْلِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ كَوْنَ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا بَيْنَ أَهْلِ الْحَرْبِ لَا يَمْنَعُ رَمْيَهُمْ إذْ كَانَ الْقَصْدُ فِيهِ الْمُشْرِكِينَ دُونَهُمْ

وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسِ عَنْ الصَّعْبِ بْن جَثَّامَةَ قَالَ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَهْلِ الدِّيَارِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ يُبَيَّتُونَ فَيُصَابُ مِنْ ذراريهم ونساءهم فَقَالَ هُمْ مِنْهُمْ

وَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم أسامة ابن زيد فقال أغر على هؤلاء يا بنى صَبَاحًا وَحَرِّقْ وَكَانَ يَأْمُرُ السَّرَايَا بِأَنْ يَنْتَظِرُوا بمن يغزونهم فَإِنْ أَذَّنُوا لِلصَّلَاةِ أَمْسَكُوا عَنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعُوا أَذَانًا أَغَارُوا

وَعَلَى ذَلِكَ مَضَى الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ أَغَارَ عَلَى هَؤُلَاءِ لا يخلوا مِنْ أَنْ يُصِيبَ مِنْ ذَرَارِيّهِمْ وَنِسَائِهِمْ الْمَحْظُورِ قَتْلُهُمْ فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمُونَ وَجَبَ أَنْ لَا يَمْنَعَ ذَلِكَ مِنْ شَنِّ الْغَارَةِ عَلَيْهِمْ وَرَمْيِهِمْ بِالنَّشَّابِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ إصَابَةُ الْمُسْلِمِ فَإِنْ قِيلَ إنَّمَا جَاءَ ذَلِكَ لِأَنَّ ذَرَارِيَ الْمُشْرِكِينَ مِنْهُمْ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ قِيلَ لَهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَرَارِيّهِمْ أَنَّهُمْ مِنْهُمْ فِي الْكُفْرِ لِأَنَّ الصِّغَارَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>