للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ إذَا قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى يُكَفِّرَ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ وَقَتَادَةَ إذَا أَرَادَ جِمَاعَهَا لَمْ يَقْرَبْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ وَقَدْ اخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ في معنى العود فقال أصحابنا والليث ابن سَعْدٍ الظِّهَارُ يُوجِبُ تَحْرِيمًا لَا يَرْفَعُهُ إلَّا الْكَفَّارَةُ وَمَعْنَى الْعَوْدِ عِنْدَهُمْ اسْتِبَاحَةُ وَطْئِهَا فَلَا يَفْعَلُهُ إلَّا بِكَفَّارَةٍ يُقَدِّمُهَا وَذَكَرَ بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ لَوْ وَطِئَهَا ثُمَّ مَاتَتْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إذا ظاهره بها لَمْ تَحِلَّ لَهُ إلَّا بَعْدَ الْكَفَّارَةِ وَإِنْ طَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَطَأْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ أَصْحَابِنَا وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ إذَا أَجْمَعَ بَعْدَ الظِّهَارِ عَلَى إمْسَاكِهَا وَإِصَابَتِهَا فَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الظِّهَارِ وَلَمْ يُجْمِعْ عَلَى إمْسَاكِهَا وَإِصَابَتِهَا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَمَسَّهَا حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّهُ إذَا ظَاهَرَ منه ثُمَّ وَطِئَهَا ثُمَّ مَاتَتْ فَلَا بُدَّ مِنْ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهُ وَطِئَ بَعْدَ الظِّهَارِ وَقَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ إذَا أَجْمَعَ بَعْدَ الظِّهَارِ عَلَى إمْسَاكِهَا وَإِصَابَتِهَا وَطَلَبَ الْكَفَّارَةَ فَمَاتَتْ امْرَأَتُهُ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَقَالَ الْحَسَنُ إذَا أَجْمَعَ رَأْيُ الْمَظَاهِرِ عَلَى أَنْ يُجَامِعَ امْرَأَتَهُ فَقَدْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ أَرَادَ تَرْكَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَوْدَ هُوَ الْإِجْمَاعُ عَلَى مُجَامَعَتِهَا وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ فِيمَنْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا قَالَ أَرَى عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ رَاجَعَهَا أَوْ لَمْ يُرَاجِعْهَا وَإِنْ مَاتَتْ لَمْ يَصِلْ إلَى مِيرَاثِهَا حَتَّى يُكَفِّرَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ الظِّهَارِ فَلَمْ يُطَلِّقْ فَقَدْ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ مَاتَتْ أَوْ عَاشَتْ وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ مَنْ لَا يُعَدُّ خِلَافًا أَنَّ الْعَوْدَ أَنْ يُعِيدَ الْقَوْلَ مَرَّتَيْنِ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَوَتْ عَائِشَةُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ أَنَّ آيَةَ الظِّهَارِ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ خَوْلَةَ حِينَ ظَاهَرَ منها زوجها أوس بن الصامت فأمر النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ فَقَالَ لَا أَجِدُ فَقَالَ صُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لَوْ لَمْ آكُلْ فِي الْيَوْمِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كَادَ أَنْ يُغْشَى عَلَى بَصَرِي فَأَمَرَهُ بِالْإِطْعَامِ

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ اعْتَبَرَ الْعَزْمَ عَلَى إمْسَاكِهَا وَوَطْئِهَا لِأَنَّهُ لَمْ يسئله عَنْ ذَلِكَ وَبُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ اعْتَبَرَ إرَادَةَ الجماع لأنه لم يسئله وَبُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ اعْتَبَرَ الطَّلَاقَ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ هَلْ طَلَّقْتهَا وَبُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ اعْتَبَرَ إعادة القول لأنه لم يسئله هَلْ أَعَدْت الْقَوْلَ مَرَّتَيْنِ فَثَبَتَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَهُوَ أَنَّ لَفْظَ الظِّهَارِ يُوجِبُ تَحْرِيمًا تَرْفَعُهُ الْكَفَّارَةُ وَمَعْنَى قَوْله تَعَالَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا ذِكْرُ الْحَالِ الَّذِي خَرَجَ عَلَيْهِ الْخِطَابُ وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الظِّهَارُ فَقَالَ الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ قَبْلَ هَذِهِ الْحَالِ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا والمعنى ويعودون

<<  <  ج: ص:  >  >>