للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ هِيَ وَاجِبَةٌ وَرُوِيَ نَحْوَهُ عَنْ مُجَاهِدٍ وَرُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ الْعُمْرَةُ وَاجِبَةٌ وَاحْتَجَّ مِنْ أَوْجَبَهَا بِظَاهِرِ قوله [وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ] قَالُوا وَاللَّفْظُ يَحْتَمِلُ إتْمَامُهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِمَا وَيَحْتَمِلُ الْأَمْرَ بِابْتِدَاءِ فِعْلِهِمَا فَالْوَاجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْأَمْرَيْنِ بِمَنْزِلَةِ عُمُومٍ يَشْتَمِلُ عَلَى مُشْتَمِلٍ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ إلَّا بِدَلَالَةٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَلَا دَلَالَةَ فِي الْآيَةِ عَلَى وُجُوبِهَا وذلك لأن أكثر ما فيها الأمر بإتمامها وَذَلِكَ إنَّمَا يَقْتَضِي نَفْيَ النُّقْصَانِ عَنْهُمَا إذَا فُعِلَتْ لِأَنَّ ضِدَّ التَّمَامِ هُوَ النُّقْصَانُ لَا الْبُطْلَانُ أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ لِلنَّاقِصِ إنَّهُ غَيْرُ تَامٍّ وَلَا تَقُولُ مِثْلَهُ لِمَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ شَيْءٌ فَعَلِمْنَا أَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِتْمَامِ إنَّمَا اقْتَضَى نَفْيَ النُّقْصَانِ وَلِذَلِكَ

قَالَ عَلِيٌّ وَعُمَرُ إتْمَامُهُمَا أَنْ تُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ

يَعْنِي الْأَبْلَغُ فِي نَفْيِ النُّقْصَانِ الْإِحْرَامُ بهما من دويرة أهلك وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى مَا وَصَفْنَا كَانَ تَقْدِيرُهُ أَنْ لَا يَفْعَلُهُمَا نَاقِصَيْنِ وَقَوْلُهُ لَا يَفْعَلُهُمَا نَاقِصَيْنِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ لِجَوَازِ إطْلَاقِ ذَلِكَ عَلَى النَّوَافِلِ أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ لَا تَفْعَلْ الْحَجَّ التَّطَوُّعَ وَلَا الْعُمْرَةَ التَّطَوُّعَ نَاقِصَيْنِ وَلَا صَلَاةَ النَّفْلِ نَاقِصَةً فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ بِالْإِتْمَامِ يَقْتَضِي نَفْيَ النُّقْصَانِ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ إذًا عَلَى وُجُوبِهَا وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ أَنَّ الْعُمْرَةَ التَّطَوُّعَ وَالْحَجَّ النَّفَلَ مُرَادَانِ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي النَّهْيِ عَنْ فِعْلِهِمَا نَاقِصَيْنِ وَلَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى وُجُوبِهِمَا فِي الْأَصْلِ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْأَظْهَرَ مِنْ لَفْظِ الْإِتْمَامِ إنَّمَا يُطْلَقُ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ [وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ] فَأَطْلَقَ عَلَيْهِ لَفْظَ الْإِتْمَامِ بَعْدَ الدُّخُولِ

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا)

فَأَطْلَقَ لَفْظَ الْإِتْمَامِ عَلَيْهَا بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهَا وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ إيجَابُ إتْمَامِهِمَا بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِمَا أَنَّ الحج والعمرة نافلتين يَلْزَمُهُ إتْمَامُهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِمَا بِالْآيَةِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَتِمُّوهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِمَا فَغَيْرُ جَائِزٍ إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمُرَادَ لُزُومُ الْإِتْمَامِ بَعْدَ الدُّخُولِ حَمْلُهُ عَلَى الِابْتِدَاءِ لِتَضَادِّ الْمَعْنَيَيْنِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا أَرَادَ بِهِ الْإِلْزَامَ بِالدُّخُولِ انْتَفَى أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْإِلْزَامَ قَبْلَ الدُّخُولِ نَافٍ لِكَوْنِهِ وَاجِبًا بِالدُّخُولِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنَّ حَجَّةَ الإسلام إنما تلزم بالدخول وَإِنَّ صَلَاةَ الظُّهْرِ مُتَعَلِّقٌ لُزُومُهَا بِالدُّخُولِ فِيهَا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ إرَادَةُ إيجَابِهِمَا بِالدُّخُولِ وَإِيجَابُهُمَا ابْتِدَاءً قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهِمَا فَثَبَتَ بِمَا وَصَفْنَا أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى وُجُوبِ الْعُمْرَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>