للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ مَا دَامَ فِيهِ وَلَكِنَّهُ لَا يُبَايَعُ وَلَا يُؤَاكَلُ إلَى أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْحَرَمِ فَيُقْتَصَّ مِنْهُ وَإِنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ قُتِلَ وَإِنْ كَانَتْ جِنَايَتُهُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ ثُمَّ دَخَلَ الْحَرَمَ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ يُقْتَصُّ مِنْهُ فِي الْحَرَمِ ذَلِكَ كُلُّهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَعُبَيْدِ الله بْنِ عُمَيْرٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَالشَّعْبِيِّ فِيمَنْ قَتَلَ ثُمَّ لَجَأَ إلَى الْحَرَمِ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَلَكِنَّهُ لَا يُجَالَسُ وَلَا يُؤْوَى وَلَا يُبَايَعُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الْحَرَمِ فَيُقْتَلَ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْحَرَمِ أُقِيمَ عَلَيْهِ وَرَوَى قَتَادَةُ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ لَا يَمْنَعُ الْحَرَمُ مَنْ أَصَابَ فِيهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِ قَالَ وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً كَانَ هَذَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَوْ أَنَّ رَجُلًا جَرَّ كُلَّ جَرِيرَةٍ ثُمَّ لَجَأَ إلَى الْحَرَمِ لَمْ يُتَعَرَّضْ لَهُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الْحَرَمِ فَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَلَمْ يَزِدْهُ إلَّا شِدَّةً مَنْ أصاب حدا فِي غَيْرِهِ ثُمَّ لَجَأَ إلَيْهِ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ قَالَا إذَا أَصَابَ حَدًّا فِي غَيْرِ الْحَرَمِ ثُمَّ لَجَأَ إلَى الْحَرَمِ أُخْرِجَ عَنْ الْحَرَمِ حَتَّى يُقَامَ عَلَيْهِ وَعَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلُهُ وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنْ يُضْطَرَّ إلَى الْخُرُوجِ بترك مجالسته وَإِيوَائِهِ وَمُبَايَعَتِهِ وَمُشَارَاتِهِ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ مُفَسَّرًا فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مَا رُوِيَ عَنْهُ وَعَنْ الْحَسَنِ فِي إخْرَاجِهِ مِنْ الْحَرَمِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا دَلَالَةَ قَوْله تَعَالَى وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ عَلَى مِثْلِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً فِي مَوْضِعِهِ وَبَيَّنَّا وَجْهَ دَلَالَةِ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ دُخُولَ الْحَرَمِ يَحْظُرُ

قَتْلَ مَنْ لَجَأَ إلَيْهِ إذَا لَمْ تَكُنْ جِنَايَتُهُ فِي الْحَرَمِ وَأَمَّا مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِ السَّلَفِ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ اتِّفَاقٌ مِنْهُمْ عَلَى حَظْرِ قَتْلِ مَنْ قَتَلَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ ثُمَّ لَجَأَ إلَيْهِ لِأَنَّ الْحَسَنَ رُوِيَ عَنْهُ فِيهِ قَوْلَانِ مُتَضَادَّانِ أَحَدُهُمَا رِوَايَةُ قَتَادَةَ عَنْهُ أَنَّهُ يُقْتَلُ وَالْآخَرُ رِوَايَةُ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ فِي أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ فِي الْحَرَمِ وَلَكِنَّهُ يُخْرَجُ مِنْهُ فَيُقْتَلُ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ قَوْلَهُ يُخْرَجُ فَيُقْتَلُ أَنَّهُ يُضَيَّقُ عَلَيْهِ فِي تَرْكِ الْمُبَايَعَةِ وَالْمُشَارَاةِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ حَتَّى يَضْطَرَّ إلَى الْخُرُوجِ فَلَمْ يَحْصُلْ لِلْحَسَنِ فِي هَذَا قَوْلٌ لِتَضَادِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَبَقِيَ قَوْلُ الْآخَرِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي مَنْعِ الْقِصَاصِ فِي الْحَرَمِ بِجِنَايَةٍ كَانَتْ مِنْهُ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ السَّلَفُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ إذَا جَنَى فِي الْحَرَمِ كَانَ مَأْخُوذًا بِجِنَايَتِهِ يُقَامُ عَلَيْهِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ قَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ قِيلَ قَوْله تَعَالَى كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى وقوله النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَقَوْلُهُ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً يوجب «٢٠- أحكام في»

<<  <  ج: ص:  >  >>