للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجل قسط من الزيادة عَلَى الْمَالِ وَالثَّانِي مَا يُضَاعِفُونَ بِهِ أَمْوَالَهُمْ وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَخْصُوصَ بِالذِّكْرِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا عَدَاهُ بِخِلَافِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ تَحْرِيمِ الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً دَلَالَةٌ عَلَى إبَاحَتِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً فَلَمَّا كَانَ الرِّبَا مَحْظُورًا بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَبِعَدَمِهَا دَلَّ ذَلِكَ عَلَى فَسَادِ قَوْلِهِمْ فِي ذَلِكَ وَيَلْزَمُهُمْ فِي ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الدَّلَالَةُ مَنْسُوخَةً بقوله تعالى وَحَرَّمَ الرِّبا إذا لَمْ يَبْقَ لَهَا حُكْمٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ وقَوْله تعالى وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ قِيلَ كَعَرْضِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَقَالَ فِي آيَةٍ أخرى وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَكَمَا قَالَ مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ أَيْ إلَّا كَبَعْثِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَيُقَالُ إنَّمَا خَصَّ الْعَرْضَ بِالذِّكْرِ دُونَ الطُّولِ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الطُّولَ أَعْظَمُ وَلَوْ ذَكَرَ الطُّولَ لَمْ يَقُمْ مَقَامَهُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْعِظَمِ وَهَذَا يُحْتَجُّ بِهِ

فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ مَعْنَاهُ كَذَكَاةِ أُمِّهِ

وقَوْله تَعَالَى الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ قال ابن عباس فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ في العسر واليسر يعنى في قِلَّتِهِ وَكَثْرَتِهِ وَقِيلَ فِي حَالِ السُّرُورِ وَالْغَمِّ لَا يَقْطَعُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَنْ إنْفَاقِهِ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ فَمَدَحَ الْمُنْفِقِينَ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ الْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ فَمَدَحَ مَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَعَفَا عَمَّنْ اجْتَرَمَ إلَيْهِ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَنْ خَافَ اللَّهَ لَمْ يَشْفِ غَيْظَهُ وَمَنْ اتَّقَى اللَّهَ لَمْ يَصْنَعْ مَا يُرِيدُ وَلَوْلَا يَوْمُ الْقِيَامَةِ لَكَانَ غَيْرَ مَا تَرَوْنَ وَكَظْمُ الْغَيْظِ وَالْعَفْوُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِمَا مَوْعُودٌ بِالثَّوَابِ عَلَيْهِمَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى قَوْله تَعَالَى وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتاباً مُؤَجَّلًا فِيهِ حَضٌّ عَلَى الْجِهَادِ مِنْ حَيْثُ لَا يَمُوتُ أَحَدٌ فِيهِ إلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِيهِ التَّسْلِيَةُ عَمَّا يَلْحَقُ النَّفْسَ بِمَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ الْآيَةَ وقَوْله تَعَالَى وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها قِيلَ فِيهِ مَنْ عَمِلَ لِلدُّنْيَا وَفَّرَ حَظَّهُ الْمَقْسُومَ لَهُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَظٌّ فِي الْآخِرَةِ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ وَقِيلَ إنَّ مَعْنَاهُ مَنْ أَرَادَ بِجِهَادِهِ ثَوَابَ الدُّنْيَا لَمْ يُحْرَمْ حَظَّهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَقِيلَ مَنْ تَقَرَّبَ إلَى اللَّهِ بِعَمَلِ النَّوَافِلِ وَلَيْسَ هُوَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الْجَنَّةَ بِكُفْرِهِ أَوْ بِمَا يُحْبِطُ عَمَلَهُ جُوزِيَ بِهَا فِي الدُّنْيَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَظٌّ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْله تَعَالَى مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها مَا نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>