للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ

فَنَصَّ عَلَى فَرْضِ الْإِخْوَةِ مِنْ الْأُمِّ وَهُوَ الثُّلُثُ وَبَيَّنَ أَيْضًا حُكْمَ الْإِخْوَةِ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ فِي قَوْله تَعَالَى يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ- إلَى قَوْله تَعَالَى- وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالًا وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَلَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُمْ فَرْضًا مُسَمًّى وَإِنَّمَا جَعَلَ لَهُمْ الْمَالَ عَلَى وَجْهِ التَّعْصِيبِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهَا لَوْ تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُمًّا وَأَخًا لِأُمٍّ وَإِخْوَةً وَأَخَوَاتٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَنَّ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْأَخِ مِنْ الْأُمِّ السُّدُسُ وَمَا بَقِيَ وَهُوَ السُّدُسُ بَيْنَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَلَمْ يَدْخُلُوا مَعَ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ فِي نَصِيبِهِ فَلَمَّا كَانُوا مَعَ ذَوِي السِّهَامِ إنَّمَا يَسْتَحِقُّونَ بَاقِيَ الْمَالِ بِالتَّعْصِيبِ لَا بِالْفَرْضِ لَمْ يَجُزْ لَنَا إدْخَالُهُمْ مَعَ الْإِخْوَةِ مِنْ الْأُمِّ فِي فَرْضِهِمْ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ يَنْفِي ذَلِكَ إذْ كَانَتْ الْآيَةُ إنَّمَا أَوْجَبَتْ لَهُمْ مَا يَأْخُذُونَهُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حظ الأنثيين بالتعصيب لا بالفرض فما أَعْطَاهُمْ بِالْفَرْضِ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ حُكْمِ الْآيَةِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ

قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا أَبْقَتْ الفرائض فلا ولى عَصَبَةٍ ذَكَرٍ

فَجَعَلَ لِلْعَصَبَةِ بَقِيَّةَ الْمَالِ بَعْدَ أَخْذِ ذَوِي السِّهَامِ سِهَامَهُمْ فَمَنْ أَشْرَكَهُمْ مَعَ ذَوِي السِّهَامِ وَهُمْ عَصَبَةٌ فَقَدْ خَالَفَ الْأَثَرَ فَإِنْ قِيلَ لَمَّا اشْتَرَكُوا فِي نَسَبِ الْأُمِّ وَجَبَ أَنْ لَا يُحْرَمُوا بِالْأَبِ قِيلَ لَهُ هَذَا غَلَطٌ لِأَنَّهَا لَوْ تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُمًّا وأخا لأم وأخوة وأخوات لأب وأم لأخذ الأخ من أم السُّدُسَ كَامِلًا وَأَخَذَ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ السُّدُسَ الْبَاقِيَ بَيْنَهُمْ وَعَسَى يُصِيبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَقَلَّ مِنْ الْعُشْرِ وَلَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَقُولَ قَدْ حَرَمْتُمُونِي بِالْأَبِ مَعَ اشْتِرَاكِنَا فِي الْأُمِّ بَلْ كَانَ نَصِيبُ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ أَوْفَرَ مِنْ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا انْتِقَاضُ الْعِلَّةِ بِالِاشْتِرَاكِ فِي الْأُمِّ وَالثَّانِي أَنَّهُمْ لَمْ يَأْخُذُوا بِالْفَرْضِ وَإِنَّمَا أَخَذُوا بِالتَّعْصِيبِ وَيَدُلُّ عَلَى فَسَادِ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهَا لَوْ تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأُخْتًا وَأَخًا لِأَبٍ أَنَّ لِلزَّوْجِ النِّصْفَ وَلِلْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ النصف ولا شيء للأخ والأخت من الأم لِأَنَّهُمَا عَصَبَةٌ فَلَا يُدْخَلُ مَعَ ذَوِي السِّهَامِ ولم يجز أن يجعل الأخ مِنْ الْأَبِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَكُنْ حَتَّى تَسْتَحِقَّ الْأُخْتُ مِنْ الْأَبِ سَهْمَهَا الَّذِي كَانَتْ تَأْخُذُهُ فِي حَالِ الِانْفِرَادِ عَنْ الْأَخِ وَإِنَّمَا التَّعْصِيبُ أَخْرَجَهَا عَنْ السُّدُسِ الَّذِي كَانَتْ تَسْتَحِقُّهُ كَذَلِكَ التَّعْصِيبُ يُخْرِجُ الْإِخْوَةَ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ عَنْ الثُّلُثِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ الْإِخْوَةُ مِنْ الْأُمِّ والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>