للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَوَارِيثِ قَدْ اسْتَقَرَّ فِي الشَّرْعِ عَلَى وُجُوهٍ مَعْلُومَةٍ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْواجُكُمْ وَقَالَ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ فَأَوْجَبَ لَهَا الْمِيرَاثَ بِالْمَوْتِ وَحَكَمَ لَهَا بِالنِّصْفِ وَلِلزَّوْجِ بِالنِّصْفِ بِحُدُوثِ الْمَوْتِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقِسْمَةِ وَالْقِسْمَةُ إنَّمَا تَجِبُ فِيمَا قَدْ مُلِكَ فلاحظ لِلْقِسْمَةِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمِيرَاثِ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَبَعٌ لِلْمِلْكِ وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ لَا يَزُولَ مِلْكُ الْأُخْتِ عَنْهُ بِإِسْلَامِ الِابْنِ كَمَا لَا يَزُولُ مِلْكُهَا عَنْهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَأَمَّا مَوَارِيثُ الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهَا لَمْ تَقَعْ عَلَى حُكْمِ الشَّرْعِ فَلَمَّا طَرَأَ الْإِسْلَامُ حُمِلَتْ عَلَى أحكام الشرع إذا لَمْ يَكُنْ مَا وَقَعَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ مُسْتَقَرًّا ثَابِتًا فَعُفِيَ لَهُمْ عَمَّا قَدْ اقْتَسَمُوهُ وَحُمِلَ مَا لَمْ يُقَسَّمْ مِنْهَا عَلَى حُكْمِ الشَّرْعِ كَمَا عُفِيَ لَهُمْ عَنْ الرِّبَا الْمَقْبُوضِ وَحُمِلَ بَعْدَ وُرُودِ تَحْرِيمِ الرِّبَا مَا لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا عَلَى حُكْمِ الشَّرْعِ فَأَبْطَلَ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِمْ رَدَّ رَأْسِ الْمَالِ وَمَوَارِيثُ الْإِسْلَامِ قَدْ ثَبَتَتْ وَاسْتَقَرَّ حُكْمُهَا وَلَا يَجُوزُ وُرُودُ النَّسْخِ عَلَيْهَا فَلَا اعْتِبَارَ فِيهَا بِالْقِسْمَةِ وَلَا عَدَمِهَا كَمَا أَنَّ عُقُودَ الرِّبَا لَوْ أُوقِعَتْ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ تَحْرِيمِ الرِّبَا وَاسْتِقْرَارِ حُكْمِهِ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ حُكْمُ الْمَقْبُوضِ مِنْهَا وَغَيْرُ الْمَقْبُوضِ في بطلان الجميع وَأَيْضًا لَا خِلَافَ نَعْلَمُهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ مَنْ وَرِثَ مِيرَاثًا فَمَاتَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَنَّ نَصِيبَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ لَوَرَثَتِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ ارْتَدَّ لَمْ يَبْطُلْ مِيرَاثُهُ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ كَانَ مُرْتَدًّا وَقْتَ الْمَوْتِ فَكَذَلِكَ مَنْ أَسْلَمَ أَوْ أَعْتَقَ بَعْدَ الْمَوْت قبل القسمة فلاحظ لَهُ فِي الْمِيرَاثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

بَابُ حَدِّ الزَّانِيَيْنِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ الْآيَةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَمْ يَخْتَلِفْ السَّلَفُ فِي أَنَّ ذَلِكَ كَانَ حَدَّ الزَّانِيَةِ فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ وَأَنَّهُ مَنْسُوخٌ غَيْرُ ثَابِتِ الْحُكْمِ حدثنا جعفر بن محمد الواسطي قال حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان قال حدثنا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنْ ابْنِ جريح وعثمان بن عطاء الخراساني عن ابن عباس فِي قَوْله تَعَالَى وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ- إلى قوله تعالى- سَبِيلًا قَالَ وَقَالَ فِي الْمُطَلَّقَاتِ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ قَالَ هَذِهِ الْآيَاتُ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ سُورَةُ النُّورِ فِي الْجَلْدِ نَسَخَتْهَا هَذِهِ الْآيَةُ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ قال والسبيل

<<  <  ج: ص:  >  >>