للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ فَعَطَفَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إطْلَاقَ الِاسْمِ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ دُونَ غَيْرِهِمْ فَلَمْ يَعُمَّ الْكِتَابِيَّاتِ فَغَيْرُ جَائِزٍ الِاعْتِرَاضُ بِهِ فِي حَظْرِ نِكَاحِ الْإِمَاءِ الْكِتَابِيَّاتِ وَأَيْضًا فَلَا خِلَافَ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَنَّ قَوْلَهُ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ قاض على قوله وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي جَوَازِ نِكَاحِ الْحَرَائِرِ الْكِتَابِيَّاتِ فَلَيْسَ يَخْلُو حِينَئِذٍ قَوْلُهُ وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَامًّا فِي إطْلَاقِهِ لِلْكِتَابِيَّاتِ وَالْوَثَنِيَّاتِ أَوْ أَنْ يَكُونَ إطْلَاقُهُ مَقْصُورًا عَلَى الْوَثَنِيَّاتِ دُونَ الْكِتَابِيَّاتِ فَإِنْ كَانَ الْإِطْلَاقُ إنَّمَا يتناول الوثنيات دون الكتابيات فالسؤال نَازِلًا بَعْدَهُ فَيَكُونُ مُسْتَعْمَلًا أَيْضًا أَوْ أَنْ يَكُونَ حَظْرُ نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ مُتَأَخِّرًا عَنْ إبَاحَةِ سَاقِطٌ فِيهِ إذْ لَيْسَ بِنَافٍ فِيهِ لِنِكَاحِ الْكِتَابِيَّاتِ وَإِنْ كَانَ الْإِطْلَاقُ يَنْتَظِمُ الصِّنْفَيْنِ جَمِيعًا لو حملنا عَلَى ظَاهِرِهِ فَقَدْ اتَّفَقُوا أَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَى قوله وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ لِاتِّفَاقِ الْجَمِيعِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ مَعَهُ فِي الْحَرَائِرِ مِنْهُنَّ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَخْلُ مِنْ أَنْ تَكُونَ الْآيَتَانِ نَزَلَتَا مَعًا أَوْ أَنْ تكون إباحة نكاح الكتابيات متأخرا عَنْ حَظْرِ نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ أَوْ أَنْ يَكُونَ حَظْرُ نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ مُتَأَخِّرًا عَنْ إبَاحَةِ نِكَاحِ الْكِتَابِيَّاتِ فَإِنْ كَانَتَا نَزَلَتَا مَعًا فَهُمَا مُسْتَعْمَلَتَانِ جَمِيعًا عَلَى جِهَةِ تَرْتِيبِ حَظْرِ نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ عَلَى إبَاحَةِ نِكَاحِ الْكِتَابِيَّاتِ أَوْ أَنْ يَكُونَ نكاح الكتابيات نِكَاحِ الْكِتَابِيَّاتِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ وَرَدَ مُرَتَّبًا عَلَى إبَاحَةِ نِكَاحِ الْكِتَابِيَّاتِ فَالْإِبَاحَةُ مُسْتَعْمَلَةٌ في الأحوال كلها كيف تصرفت الحال على الحال على أنه ولا خِلَافَ أَنَّ قَوْلَهُ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ نَزَلَ بَعْدَ تَحْرِيمِهِ نِكَاحَ الْمُشْرِكَاتِ لِأَنَّ آيَةَ تَحْرِيمِ الْمُشْرِكَاتِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَإِبَاحَةِ نِكَاحِ الْكِتَابِيَّاتِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ وَهِيَ نَزَلَتْ بَعْدَهَا فَهِيَ قَاضِيَةٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْمُشْرِكَاتِ إنْ كَانَ إطْلَاقُ اسْمِ الْمُشْرِكَاتِ يَتَنَاوَلُ الْكِتَابِيَّاتِ ثُمَّ لَمَّا تُفَرِّقْ الْآيَةُ الْمُبِيحَةُ لِنِكَاحِ الْكِتَابِيَّاتِ بَيْنَ الْحَرَائِرِ مِنْهُنَّ وَبَيْنَ الْإِمَاءِ وَاقْتَضَى عُمُومُهَا الْفَرِيقَيْنِ مِنْهُنَّ وَجَبَ اسْتِعْمَالُهَا فِيهِمَا جَمِيعًا وَأَنْ لَا يُعْتَرَضَ بِتَحْرِيمِ نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ عَلَيْهِنَّ كَمَا لَمْ يَجُزْ الِاعْتِرَاضُ بِهِ عَلَى الْحَرَائِرِ مِنْهُنَّ وَأَمَّا تَخْصِيصُ

اللَّهِ تَعَالَى الْمُؤْمِنَاتِ مِنْ الْإِمَاءِ فِي قَوْلِهِ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ فَقَدْ بَيَّنَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَنَّ التَّخْصِيصَ بالذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>