للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ فِي طَاعَةِ أُولِي الْأَمْرِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ اُخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ أُولِي الْأَمْرِ فَرُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَةٌ وَالْحَسَنُ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ أَنَّهُمْ أولوا الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَةٌ وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُمْ أُمَرَاءُ السَّرَايَا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا جَمِيعًا مُرَادِينَ بِالْآيَةِ لِأَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُهُمْ جَمِيعًا لِأَنَّ الْأُمَرَاءَ يَلُونَ أَمْرَ تَدْبِيرِ الْجُيُوشِ وَالسَّرَايَا وَقِتَالِ الْعَدُوِّ وَالْعُلَمَاءَ يَلُونَ حِفْظَ الشَّرِيعَةِ وَمَا يَجُوزُ مِمَّا لَا يَجُوزُ فَأَمَرَ النَّاسَ بِطَاعَتِهِمْ وَالْقَبُولَ مِنْهُمْ مَا عَدَلَ الْأُمَرَاءُ وَالْحُكَّامُ وَكَانَ الْعُلَمَاءُ عُدُولًا مَرْضِيِّينَ مَوْثُوقًا بِدِينِهِمْ وَأَمَانَتِهِمْ فِيمَا يؤدون وهو نظير قوله تعالى فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْأَظْهَرَ مِنْ أولى الأمر هاهنا أَنَّهُمْ الْأُمَرَاءُ لِأَنَّهُ قَدَّمَ ذِكْرَ الْأَمْرِ بِالْعَدْلِ وَهَذَا خِطَابٌ لِمَنْ يَمْلِكُ تَنْفِيذَ الْأَحْكَامِ وَهُمْ الْأُمَرَاءُ وَالْقُضَاةُ ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ الْأَمْرَ بِطَاعَةِ أُولِي الْأَمْرِ وَهُمْ وُلَاةُ الْأَمْرِ الَّذِينَ يَحْكُمُونَ عليهم ماداموا عدولا مرضيين وليس يمتنع أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَمْرًا بِطَاعَةِ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ أُولِي الْأَمْرِ وَهُمْ أُمَرَاءُ السَّرَايَا وَالْعُلَمَاءُ إذْ لَيْسَ فِي تَقَدُّمِ الْأَمْرِ بِالْحُكْمِ بِالْعَدْلِ مَا يُوجِبُ الِاقْتِصَارَ بِالْأَمْرِ بِطَاعَةِ أُولِي الْأَمْرِ عَلَى الْأُمَرَاءِ دُونَ غَيْرِهِمْ

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي

وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخِيفِ مِنْ مِنًى فَقَالَ نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا ثُمَّ أَدَّاهَا إلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَا فِقْهَ لَهُ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ثَلَاثٌ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُؤْمِنٍ إخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ تَعَالَى وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَطَاعَةُ ذَوِي الْأَمْرِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَالنَّصِيحَةُ لِأُولِي الْأَمْرِ وَلُزُومُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مَنْ وَرَاءَهُمْ

وَالْأَظْهَرُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَرَادَ بِأُولِي الْأَمْرِ الْأُمَرَاءَ وقَوْله تَعَالَى عَقِيبَ ذَلِكَ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أُولِي الْأَمْرِ هُمْ الْفُقَهَاءُ لِأَنَّهُ أَمَرَ سَائِرَ النَّاسِ بِطَاعَتِهِمْ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ فَأَمَرَ أُولِي الْأَمْرِ بِرَدِّ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ إلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم إذا كَانَتْ الْعَامَّةُ وَمَنْ لَيْسَ مَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَيْسَتْ هَذِهِ مَنْزِلَتَهُمْ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ كَيْفِيَّةَ الرَّدِّ إلَى كِتَابِ اللَّهِ وَالسُّنَّةِ وَوُجُوهَ دَلَائِلِهِمَا عَلَى أَحْكَامِ الْحَوَادِثِ فَثَبَتَ أَنَّهُ خِطَابٌ لِلْعُلَمَاءِ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى إبْطَالِ قَوْلِ «١٢- أحكام لث»

<<  <  ج: ص:  >  >>