للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّافِضَةِ فِي الْإِمَامَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ قَالَ فَلَيْسَ يَخْلُو أُولُو الْأَمْرِ مِنْ أَنْ يَكُونُوا الْفُقَهَاءَ أَوْ الْأُمَرَاءَ أَوْ الْإِمَامَ الَّذِي يَدْعُونَهُ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْفُقَهَاءَ وَالْأُمَرَاءَ فَقَدْ بَطَلَ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ وَالْفُقَهَاءُ وَالْأُمَرَاءُ يَجُوزُ عَلَيْهِمْ الْغَلَطُ وَالسَّهْوُ وَالتَّبْدِيلُ وَالتَّغْيِيرُ وَقَدْ أُمِرْنَا بِطَاعَتِهِمْ وَهَذَا يُبْطِلُ أَصْلَ الْإِمَامَةِ فَإِنَّ شَرْطَ الإمامة عِنْدَهُمْ أَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْغَلَطُ وَالْخَطَأُ وَالتَّبْدِيلُ وَالتَّغْيِيرُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْإِمَامَ لِأَنَّهُ قَالَ فِي نَسَقِ الْخِطَابِ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ فَلَوْ كَانَ هُنَاكَ إمَامٌ مَفْرُوضُ الطَّاعَةِ لَكَانَ الرَّدُّ إلَيْهِ وَاجِبًا وَكَانَ هُوَ يَقْطَعُ الْخِلَافَ وَالتَّنَازُعَ فَلَمَّا أَمَرَ بِرَدِّ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ مِنْ الْحَوَادِثِ إلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ دُونَ الْإِمَامِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِهِمْ فِي الْإِمَامَةِ وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ إمَامٌ تَجِبُ طَاعَتُهُ لَقَالَ فَرُدُّوهُ إلَى الْإِمَامِ لِأَنَّ الْإِمَامَ عِنْدَهُمْ هُوَ الَّذِي يَقْضِي قَوْلُهُ عَلَى تَأْوِيلِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَلَمَّا أَمَرَ بِطَاعَةِ أُمَرَاءِ السَّرَايَا وَالْفُقَهَاءِ وَأَمَرَ بِرَدِّ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ مِنْ الْحَوَادِثِ إلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ دُونَ الْإِمَامِ ثَبَتَ أَنَّ الْإِمَامَ غَيْرُ مَفْرُوضِ الطَّاعَةِ فِي أَحْكَامِ الْحَوَادِثِ الْمُتَنَازَعِ فِيهَا وَأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنْ يَرُدَّهَا إلَى نَظَائِرِهَا مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَزَعَمَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهَذَا تَأْوِيلٌ فَاسِدٌ لِأَنَّ أُولِي الْأَمْرِ جَمَاعَةٌ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَأَيْضًا فَقَدْ كَانَ النَّاسُ مَأْمُورِينَ بِطَاعَةِ أُولِي الْأَمْرِ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ لَمْ يَكُنْ إمَامًا فِي أَيَّامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَثَبَتَ أَنَّ أُولِي الْأَمْرِ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانوا أمراء وقد كان الْمُوَلَّى عَلَيْهِمْ طَاعَتُهُمْ مَا لَمْ يَأْمُرُوهُمْ بِمَعْصِيَةٍ. وَكَذَلِكَ حُكْمُهُمْ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لُزُومِ اتِّبَاعِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ مَا لَمْ تكن معصية قَوْله تَعَالَى فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ روى مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَمَيْمُونَ بْنِ مِهْرَانَ وَالسُّدِّيِّ إلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَذَلِكَ عُمُومٌ فِي وُجُوبِ الرَّدِّ إلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالرَّدُّ إلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يَكُونُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا إلَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ الْمَذْكُورِ بِاسْمِهِ وَمَعْنَاهُ والثاني الرد إليهما من الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَاعْتِبَارِهِ بِهِ مِنْ طَرِيقِ الْقِيَاسِ وَالنَّظَائِرِ وَعُمُومُ اللَّفْظِ يَنْتَظِمُ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا فَوَجَبَ إذَا تَنَازَعْنَا فِي شَيْءٍ رَدُّهُ إلَى نَصِّ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إنْ وَجَدْنَا الْمُتَنَازَعَ فِيهِ مَنْصُوصًا عَلَى حُكْمِهِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِنْ لَمْ نجد

<<  <  ج: ص:  >  >>