للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التحريم، إلا بعد زوج، ووجب حمل قوله تعالى: (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) على فائدة «١» مجددة، وهي «٢» وقوع البينونة بالثنتين عند «٣» انقضاء العدة.

وعلى أن المقصد من الآية بيان عدد الطلاق الموجب للتحريم، ونسخ ما كان جائزا من إيقاع الطلاق بلا عدد محصور، فلو كان قوله: (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) هو الثالثة، لما أبان عن المقصد في إيقاع التحريم بالثلاث، إذ لو اقتصر عليه، لما دل على وقوع البينونة المحرمة لها، إلا بعد زوج، وإنما علم التحريم بقوله: (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ)

، فوجب أن لا يكون معنى قوله: (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) الثالثة، ولو كان قوله: (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) بمعنى الثالثة، كان قوله عقيب ذلك: (فَإِنْ طَلَّقَها) الرابعة، لأن الفاء للتعقيب، قد اقتضى طلاقا مستقبلا بعد ما تقدم ذكره.

فثبت بذلك أن قوله (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) ، وهو تركها حتى تنقضي عدتها.

وهذا صحيح عندنا، إلا أنه إذا لم يكن التسريح المذكور في القرآن بمعنى الطلاق، فلا يكون فيه دلالة على كون لفظ السراح صريحا على ما قاله أصحابنا، لأن الله تعالى ما أراد به بيان اللفظ، وإنما أراد به تخلية سبيلها، حتى تبين بالطلاق المتقدم بعد انقضاء العدة، من غير


(١) وهذا هو القول الثاني كما أفاد الجصاص.
(٢) في الأصل وهو وما هنا أصح.
(٣) عند الجصاص: بعد.