للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ «١» جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) (١٠٣) وحبل الله في عهده «٢» في قول، والقرآن في قول آخر «٣» ، وكل ذلك صحيح.

وقوله: (وَلا تَفَرَّقُوا) : يجوز أن يراد به التفرق في أصول الدين، مثل قوله تعالى:

(وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) «٤» .

ويجوز أن يكون معناه: «ولا تفرقوا» «٥» متابعين للهوى والأغراض المختلفة، وكونوا في دين الله إخوانا، فيكون ذلك منعا لهم عن التقاطع والتدابر، ودل عليه ما بعده وهو قوله تعالى:


(١) ومفردات الآية:
«وَاعْتَصِمُوا» العصمة: المنعة، ( «بِحَبْلِ» ) الحبل لفظ مشترك، وأصله في اللغة السبب الذي يوصل به الى البغية والحاجة والحبل: حبل العانق. والحبل: مستطيل من الرمل، والحبل الرسن. والحبل العهد. والمراد به هنا بمعنى العهد، أو بمعنى القرآن.
(٢) كما قال تعالى في الآية ١١٢ من سورة آل عمران: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ) ، أي بعهد وذمة.
(٣) روى مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم، ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال:
«ألا واني تارك فيكم ثقلين: أحدهما كتاب الله هو حبل الله، من اتبعه كان على الهدى، ومن تركه كان على ضلالة ... الحديث»
(٤) سورة الانعام آية: ١٥٣.
(٥) يقول صاحب محاسن التأويل:
قوله: (وَلا تَفَرَّقُوا) أي لا تتفرقوا عن الحق بوقوع الاختلاف بينكم، كما اختلف اليهود والنصارى، او كما كنتم متفرقين في الجاهلية.