للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودل على ذلك أيضا قوله: (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) الآية (٢٣) . معناه: دخلتم بهن من نسائكم، ولا يكون ذلك إلا في النكاح «١» .

وليس يخفى على عاقل، أن تحريم منكوحة الأب على الابن، ليس للتغليظ على الابن بحرام صدر من الأب، بل هو لتعظيم الأب في منكوحة بمثابة أم لابنه، وامرأة ابنه بمثابة بنت له، فإذا كان ذلك بطريق الكرامة والمحرمية، فلا يقتضي الزنا المجرد ذلك.

وذكر الرازي أن الله تعالى غلظ أمر الزنا بإيجاب الرجم تارة، وبإيجاب الجلد أخرى، فمن التغليظ إيجاب التحريم، وذكر هذا المعنى في شرح معنى هذه الآية، وذلك غلط فاحش منه، فإنه لا يتوهم التغليظ على الابن في زنا الأب، مع أن المزنية غير محرمة على الزاني، فهذا تمام هذا المعنى «٢» .

ثم إن الرازي قال:

زعم الشافعي أن الله تعالى لما أوجب الكفارة على قاتل الخطأ، كان قاتل العمد أولى بذلك، إن كان حكم العمد أعظم من حكم الخطإ، ألا ترى أن الوطء لا يختلف حكمه أن يكون بزنا أو بغير الزنا، فيما يتعلق به من فساد الحج والصوم؟ فكذلك ما نحن فيه.

وهذا الذي ذكره غاية الجهل، فإن الشافعي لما «٣» قال ذلك في حكم الكفارة التي محلها القتل، الذي هو محظور غير مستحق، ولذلك لا تجب


(١) يعني أن أبنة الزنا ليست من ربائبه.
(٢) يقول الجصاص: «وسمي العقد المختص باباحة الوطء نكاحا، لأن من لا يحل له وطؤها لا يصح نكاحها» .
(٣) كذا بالأصل، ولعل (لما) زائدة.