للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والذي هو الحق، أنه لا يفهم من أكل بالباطل، تحريم الهبات التي يبتغي بها الأغراض الصحيحة، وإنما حرم الله تعالى أكل المال بالباطل، والباطل الذي لا يفضي إلى غرض صحيح، مثل أكل المال بالقمار والخمر والاغرار، قال الله تعالى:

(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ) «١» .

فالنهي مقيد بوصف، وهو أن تأكله بالباطل.

وقد تضمن ذلك: أكل أبدال العقود الفاسدة، كأثمان البياعات الفاسدة، وكل شيء ما أباحه الله تعالى، فأما الذي أباحه الله تعالى من العقود، فلا مدخل فيه.

ثم إن الله تعالى قال: (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً) «٢» . فظاهره يقتضي إباحة سائر التجارات الواقعة عن تراض، والتجارة اسم واقع على عقود المعاوضات المقصود بها طلب الأرباح، قال الله تعالى.

(هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) «٣» .

فسمى الايمان تجارة على وجه المجاز، تشبيها بالتجارات التي يقصد بها الأرباح.

وقال تعالى: (يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ) «٤» ، كما سمى بذل النفوس لجهاد الكفار يقصد بها الأرباح، قال الله تعالى:

(إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ) «٥» الآية.


(١) سورة البقرة آية ١٨٨.
(٢) سورة النساء، آية ٢٩.
(٣) سورة الصف، آية ١٠.
(٤) سورة فاطر، آية ٢٩.
(٥) سورة التوبة، آية ١١١.