للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينافي النكاح، ولا ظلم المرأة مناف لذلك، والظلم إذا ظهر من أي جانب كان، وجب دفعه بطريقة، فأما أن يكون ظهور ظلم الظالم بينهما للحكمين طريقا إلى دفع النكاح دون رضا الزوجين فلا، وليس يزيد ظهور ذلك ظلما على إقرار الزوج أو الزوجة «١» بالظلم.

نعم قد يقول القائل: إذا استمرت الوحشة، فلا وجه لتبقية الخصومة ناشبة بينهما، فاشتباه الحال في ذلك، كاشتباه الحال في المتبايعين إذا تخالفا.

وهذا بعيد، فإنهما إذا تخالفا فلا يتصور بقاء العقد على نعت الإختلاف ليكون العقد على وضعين متضادين، وها هنا لا شيء يوجب منع بقاء العقد، وخللا في معنى العقد، إنما يظهر من أحدهما ظلم فيدفعه الحاكم فأما فسخ النكاح فلا، وليس كالإيلاء، فإن هناك رجع النعت إلى المقصود وهو الاستمتاع.

وبالجملة إن كان للقول الآخر وجه، فمن حيث وقوع الخلل في السكن المقصود بالنكاح، لاستمرار الخصومة بينهما، وذلك يقتضي أن يكون هذا قريبا من الإيلاء، وقد قال مالك:

وللحكمين أن يخالعانها دون رضاها، وهذا بعيد، فإن الحاكم لا يملك ذلك، فكيف يملكه الحكمان؟ «٢» ..

نعم سميا حكمين- وإن كان الوكيل لا يسمى حكما- لأنه أشبه فعلهما، فهما يجتهدان ويتحريان الصلاح في إنفاذ القضايا بالعدل، إذا وكلا بذلك من جهة الزوجين، وما قضى به الحكمان من شيء فهو جائز


(١) انظر الشيخ الصابوني.
(٢) انظر احكام القرآن للجصاص ج ٢ ص ٢٣٢. [.....]