للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى» ، أي في حالة سكركم، فلا وجه للتأويل.

الوجه الآخر: قالوا المراد به السكران الذي لم ينتبذ «١» نقصان عقله إلى حد يزول التكليف معه، بل هو فاهم للخطاب، وهذا بعيد، فإنه إن كان كذلك، فلا يكون منهيا عن فعل الصلاة، بل الإجماع منعقد على أنه مأمور بفعل الصلاة والحالة هذه.

ومن أجل ذلك قال الحسن، وقتادة، في هذه الآية: فإنها منسوخة الحكم.

وعلى الجملة، اضطراب هذه المحامل ينشأ منه قول الشافعي رضي الله عنه: وهو أن المراد من الصلاة موضع الصلاة، فتقديره: لا تقربوا المساجد التي هي مواضع الصلاة وأنتم سكارى، فإنه يتوقع منكم الفحش في المنطق، وتلويث المسجد، ولذلك قال: (حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) ، يعني أن السكران ربما نزق «٢» ، فتكلم بما لا يجوز له، كما قال علي:

إذا سكر هذى، وإذا هذى افترى.

فنهاهم عن دخول المسجد والصلاة مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم جماعة.

وهذا تأويل حسن تشهد له الأصول والمعقول، ومن أجله عطف عليه قوله تعالى: (وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) ، وذلك يقتضي جواز العبور للجنب في المساجد.

وأبو حنيفة يخالف ذلك ويقول:


(١) أي لم يصل به نقصان عقله أو لم يذهب.
(٢) النزق: الطيش والخفة.