للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك ليعلم أن المشاق في التكاليف محتملة، لما يرجى فيها من ثواب الله تعالى.

قوله تعالى: (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً) «١» .

سبب نزولها مذكور في التفاسير «٢» ، وفيه دليل على أنه لا يجوز لأحد أن يخاصم عن أحد، إلا بعد أن يعلم أنه محق.

قوله تعالى: (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ) ، يحتمل الوحي والاجتهاد جميعا، وفيه دليل على أن وجود السرقة في يد إنسان لا يجب الحكم عليه بها، لأن الله تعالى نفى الحكم عن اليهودي بوجود السرقة عنده، إذ كان جائزا أن يكون هو الآخذ، وذلك مذكور في التفاسير «٣» .

وليس ذلك مثل ما فعله يوسف عليه السلام، حين جعل الصاع في رحل أخيه «٤» ، ثم أخذ الصاع، واحتبسه عنده، فإنه إنما حكم عليهم بما كان عندهم أنه جائز، وكانوا يسترقون السارق، فاحتبسه عنده، وكان له أن يتوصل إلى ذلك ولا يسترقه، ولا قال إنه سارق، وإنما قال ذلك رجل عنده ظنه سارقا.

وقد نهي الله تعالى عن الحكم بالظن والهوى، بقوله تعالى: (اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) «٥» .


(١) سورة النساء آية ١٠٥.
(٢) أنظر أسباب النزول للواحدي النيسابوري، وباب النقول في اسباب النزول للسيوطي وأحكام القرآن للقرطبي، وتفسير النيسابوري، وتفسير ابن كثير.
(٣) انظر تفسير الطبري، وابن كثير: والقرطبي، وتفسير النيسابوري.
(٤) انظر ما ورد في سورة يوسف آية ٧٠- ٧٦.
(٥) سورة الحجرات آية ١٢.