للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا استدلال بطريق المعنى، وإلا فاللفظ من حيث الظاهر لا يدل عليه أصلا.

ويحتمل أيضا من وجه آخر، وهو أن هذه الآية إنما نزلت في وقت شدة الحاجة وضعف المهاجرين وقصور يد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، عن كفايتهم، ولم يكن في بيت المال ما يسعهم، وكانت السنون والحوائج هاجمة عليهم، فنهوا عن إمساك شيء من المال زائد على قدر الحاجة، ولا يجوز ادخار الذهب والفضة في مثل ذلك الوقت، وإلا فقد ثبت بالنقل المستفيض عن النبي عليه الصلاة والسلام إيجابه في مائتي درهم، خمسة دراهم، وفي عشرين دينار، نصف دينار، ولم يوجب الكل، واعتبر مدة الاستنماء، وكان في الصحابة ذوو ثروة ونعمة وأموال جمة، مثل عثمان وعبد الرحمن بن عوف.

أو يحتمل أن قوله: ولا ينفقونها، أي لا ينفقون منها تحذف من، وبينه في مواضع أخر من قوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً) «١» .

وعن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ) ، فكبر ذلك على المسلمين، فقال عمر:

أنا أفرج عنكم، فانطلق فقال: يا نبي الله إنه كبر على أصحابك هذه الآية.

فقال عليه الصلاة والسلام:

«إن الله تعالى لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقي «٢» من أموالكم، وإنما فرض المواريث لتكون لمن بعدكم» ، فكبر عمر.


(١) سورة التوبة آية ١٠٣.
(٢) أخرجه أبو داود في سننه والحاكم في المستدرك.