للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حمله الحسن على سلام البعض على البعض، لما فيه من البركة والدعاء الصالح وتآلف القلوب.

وذكر إسماعيل بن إسحاق عن جماعة، أن المراد به أن يسلم المرء على نفسه إذا لم يكن هناك غيره يسلم عليهم، ومن السنة أن يقول:

السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وهذا أليق بالظاهر.

ولا خلاف في أنه لو كان في الدار غيره، صرف السلام إليه، وليس في الظاهر تخصيص، وذلك يقوي قول الحسن.

وفيه وجه آخر: وهو أن السلام بالشرع صار كالمخاطبة.

وقال الفقهاء في تسليم الرجل في الصلاة: أنه يجب أن ينوي من خلفه إن كان إماما أو ينوي الملائكة أو الحفظة، ومعلوم أن المرء قبل دخول البيت هو مندوب إلى أن يسلم على نفسه فيقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، لأنه كالدعاء، مما يجرى فيه الخطاب.

قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ- إلى قوله- وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ) ، الآية/ ٦٢.

يدل على أن من الايمان أن يستأذنوا الرسول في الانصراف عنه في كل أمر يجتمعون معه فيه، وقد روى مجاهد، أن المراد به الجمعة والغزو.

وقال الحسن: الجمعة والأعياد وكل ما فيه خطبة.

ثم خير الله تعالى رسوله في اختيار من يغزو معه، وبين أن الذي ينعته رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليس له أن يتخلف ويحيل على غيره.

والذي يشهد به الظاهر، أن كل أمر جامع للرسول عليه السلام فيه غرض، فليس لهم أن ينصرفوا عنه ما دام الغرض قائما، ويدخل فيه