للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ) «١» وليست هذه اللام التي تدخل على خبر المشددة التي هي الابتداء، لأنه كان حكمها أن تدخل. على «إن» / فأخرت إلى الخبر لئلا يجتمع تأكيدان، إذا كان الخبر هو المبتدأ في المعنى، أو ما هو واقع موقعه وراجع إليه، فهذه اللام لا تدخل إلا على المبتدأ أو على خبر «إن» إذا كان إياه في المعنى أو متعلقاً به، ولا تدخل من الفعل إلا ما كان مضارعاً واقعاً في خبر «إن» وكان فعلاً للحال، فإذا لم تدخل إلا على ما ذكرنا لم يجز أن تكون هذه اللام التي تصحب «إن» الخفيفة إياها، إذ لا يجوز دخول لام الابتداء على الفعل الماضي، وقد وقع بعد «إن» هذا الفعل، نحو:

(إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا) «٢» و: (وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ) «٣» . وقد جاءت الأفعال الواقعة بعد «إن» فعملت فيما بعد اللام، ومعلوم أن لام الابتداء التي تدخل في خبر «إن» الشديدة لا يعمل الفعل الذي قبلها فيما بعدها، وذلك قوله: (إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ) «٤» ، وقول القائل:

هلبتك أمك إن قتلت لفارساً ... حلت عليك عقوبة المتعمّد «٥»

فلما أعمل الفعل فيما بعد هذه اللام علم من ذلك أنها ليست التي تدخل في خبر «إن» الشديدة، وليست هي التي تدخل على الفعل المستقبل، والماضي للقسم، نحو: ليفعلن، أو لتفعلن. ولو كانت تلك للزم الفعل، الذي تدخل عليه «النون» يعني: ليفعلن، الذي تدخل عليه إحدى النونين، فلما لم يلزم النون علم أنها ليست إياها قال الله تعالى: (إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا) «٦» و (وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ) «٧» ، فلم يلزم النون.


(١) الأحقاف: ٢٦. [.....]
(٢) الفرقان: ٤٢.
(٣) الأعراف: ١٠٢.
(٤) يونس: ٢٩.
(٥) البيت لعائكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل تخاطب عمرا بن جرموز حين قتل الزبير. ويروى:
شلت يمينك أن قتلت لمسلما
(المغني ١: ٢٢) .
(٦) الفرقان: ٤٢.
(٧) الصافات: ١٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>