للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الكافر فلعنة الله عليه، لأن هذا ارتفع بالابتداء.

وأما قوله: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما) «١» ، وقوله: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) «٢» فلأن هذا لم يبن على الفعل ولكنه جاء على مثل قوله: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) «٣» ، ثم قال بعد: فيها كذا وكذا، وإنما وضع «المثل» للحديث الذي بعده، وذكر بعد أخبار وأحاديث، وكأنه على قوله: ومن القصص أولا مثل الجنة، أي مما يقص عليكم، فهو محمول على هذا الإضمار أو نحوه. والله أعلم.

وكذلك (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي) «٤» كأنه لما قال: (سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها) ، «٥» قال: في الفرائض الزانية والزاني، ثم قال: (فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ «٦» ) أو الزانية والزاني في الفرائض، فجاء بالفعل بعد أن مضى فيهما الرفع، كما قال:

وقائلةٍ خولان فانكح فتاتهم

فجاء بالفعل بعد أن مضى عمل فيه المضمر، وكذلك: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) كأنه على قوله: وفيما فرض عليكم السارق والسارقة، أو السارق والسارقة فيما فرض عليكم، وإنما جاءت هذه الأشياء بعد قصص وأحاديث، وتحمل على نحو من هذا.

ومثل ذلك: (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما) «٧» وقد يجري هذا في: زيد وعمرو، وعلى هذا الحد إذا كنت تخبر بأشياء أو توصى ثم تقول: زيد، أي زيد/ فيمن أوصى به فأحسن إليه وأكرمه. وقد قرأ الناس (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) و (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي) ، وهو في العربية على ما ذكرت من القوة، ولكن أبت القراءة إلا القراءة بالرفع. قلت: الذي قرأ بالنصب في الآيتين هو عيسى


(٦- ٤- ١) النور: ٢.
(٢) المائدة: ٣٨.
(٣) الرعد: ٣٥.
(٥) النور: ١.
(٧) النساء: ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>