للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الباب الأول: حقيقة الإيمان وارتباط العمل به

[مقدمة]

يقول الله تعالى:

«وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ» (١) .

ويقول جل ذكره:

«كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» (٢) .

ويقول:

«لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ» (٣) .

هذه الآيات الكريمة انتظمت أصول الغايات والحقائق الكبرى للدين، وهي:

الغاية من خلق الثقلين وحقيقة مهمتهم.

الغاية من إرسال الرسل وحقيقة دعوتهم.

حقيقة سنة اقتران القوة بالحق لتحقيق تلك الغايات.

فالله تبارك وتعالى خلق آدم وذريته مفطورين على الإيمان والتوحيد، وظلت الجماعة البشرية الأولى سائرة على هذا المنهج القويم ما شاء الله أن تسير (٤) ، ثم أصابتها السنة الكونية «وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ» (٥) ، تلك السنة التي تقتضي وتستلزم من الحكم والمصالح، وظهور آثار صفات الله عز وجل ما يعجز عنه البيان.


(١) [الذاريات: ٥٦]
(٢) [البقرة: ٢١٣]
(٣) [الحديد: ٢٥]
(٤) هذا هو الراجح في تفسير آية: "كان الناس أمة واحدة" [البقرة: ٢١٣] ، انظر: الطبري (٢/٣٣٦- ٣٣٧) ، وابن كثير (١/٣١٤- ٣٦٥) ، وانظر إغاثة اللهفان (٢/٢٠٣) ، ويدل له ما في الحديث الآتي "وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم" الحديث.
(٥) [هود: ١١٨، ١١٩]

<<  <   >  >>