للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد. وقال أبو إسحاق في الضمير الذي في أمثالها أنه يعود على العاقبة.

[[سورة محمد (٤٧) : آية ١١]]

ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ (١١)

روى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا قال: ناصرهم. قال الفراء «١» وفي قراءة عبد الله ذلك بأنّ الله وليّ الذين آمنوا وهذه قراءة على التفسير. وقال أبو إسحاق: في معنى ذلك بأن الله يتولّى الذين آمنوا في جميع أمورهم وهدايتهم والنصر على عدوهم. وهذه الأقوال متقاربة ومعروف في اللغة أنّ المولى الوليّ. وهو معنى ما قال ابن عباس: إنّ المولى الناصر، وعلى هذا تؤوّل قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم «من كنت مولاه فعليّ مولاه» «٢» أي من كنت أتولاه وأنصره فعليّ يتولاه وينصره، وقيل: المعنى من كان يتولاني وينصرني فهو يتولّى عليّا وينصره.

ويبيّن ذلك ما حدّثناه علي بن سليمان عن أبي سعيد السكّري عن يونس، عن محمد بن المستنير قال: إن سأل سائل عن قول الله جلّ وعزّ: ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ (١١) فقال الله جلّ وعزّ: مولى كلّ أحد فكيف قال جلّ وعزّ وأن الكافرين لا مولى لهم؟ فالجواب أن المولى هاهنا الولي وليس الله جلّ وعزّ وليّ الكافرين، وأنشد:

[الكامل] ٤٢٦-

فغدت كلا الفرجين تحسب أنّه ... مولى المخافة خلفها وأمامها

«٣» أي وليّ المخافة.

[[سورة محمد (٤٧) : آية ١٢]]

إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ (١٢)

وَالنَّارُ مرفوعة بالابتداء، و «مثوى» في موضع رفع على أنه الخبر، وأجاز الفراء أن يكون مَثْوىً في موضع نصب ويكون الخبر لهم.

[[سورة محمد (٤٧) : آية ١٣]]

وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ (١٣)

التقدير وكم من أهل قرية. وهي أيّ دخلت عليها كاف التشبيه. قال الفراء «٤» :

في معنى «التي أخرجتك» التي أخرجك أهلها إلى المدينة أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ قال


(١) انظر معاني الفراء ٣/ ٥٩.
(٢) أخرجه أحمد في مسنده ٥/ ٤١٩، وذكره ابن أبي عاصم في السنة ٢/ ٦٠٥، وابن كثير في البداية والنهاية ٧/ ٣٣٩، والترمذي في سننه (٣٧١٣) .
(٣) مرّ الشاهد رقم (١٥١) .
(٤) انظر معاني الفراء ٣/ ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>