للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً

أي لو انمازوا لأمرناكم أن تعذبوهم بالقتل.

[[سورة الفتح (٤٨) : آية ٢٦]]

إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٢٦)

إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ روي عن ابن عباس قال: هم المشركون صدّوا عن المسجد الحرام ومنعوا الهدي أن يبلغ محلّه فأما حقيقة الحميّة في اللغة فهي الأنفة والإنكار فإن كانت لما يجب فهي حسنة ويقال فاعلها حامي الذمار، كما قال: [الكامل] ٤٢٩-

حامي الذّمار على محافظة ... الجليّ أمين مغيّب الصّدر

«١» وإن كانت لما لا يجب فهي ضلال وغلوّ كما قال جلّ وعزّ: حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ فأما وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى فللعلماء فيه قولان: روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى «لا إله إلّا الله» وهي رأس كلّ تقوى وكذلك يروى عن علي وابن عمر وأبي هريرة وسلمة بن الأكوع رحمهم الله قالوا: كلمة التقوى «لا إله إلا الله» وروى محمد بن إسحاق عن الزهري عن المسور ومروان وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى قال: يعني بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قال الزهري: لمّا كتب الكتاب بالمقاضاة وأملاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (بسم الله الرحمن الرحيم) أنكروا ذلك، وقالوا: ما نعرف إلا «باسمك اللهمّ» فأمر النّبي صلّى الله عليه وسلّم أن يكتب كما قالوا. وهذان القولان ليسا بمتناقضين، لأن الله جلّ وعزّ قد ألزم المؤمنين التوحيد وبسم الله الرحمن الرّحيم. وقد كانوا أنكروا في هذا الكتاب «من محمد رسول الله» وقالوا من محمد عبد الله. وَكانُوا أَحَقَّ بِها خبر كان أي أحقّ بها من غيرهم لأنهم أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الذين اختارهم الله جلّ وعزّ له.

[[سورة الفتح (٤٨) : آية ٢٧]]

لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً (٢٧)

لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ ثم بيّن الرؤيا بقوله عزّ وجلّ: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ وتكلّم العلماء في معنى «إن شاء الله» هنا لأن الاستثناء لا يكون في البشارة فيكون فيه فائدة إنما الاستثناء من المخلوقين لأنهم لا يعرفون عواقب الأمور فقيل الاستثناء من امنين.

وقيل: إنما حكي ما كان من الرؤيا وقيل خوطب الناس بما يعرفون ومن حسن ما فيه


(١) الشاهد لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>