للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يكون الاستثناء لمن قتل منهم أو مات، وقد زعم بعض أهل اللغة أنّ المعنى لتدخلنّ المسجد الحرام إن شاء الله. وزعم أنه مثل قوله: وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [البقرة: ٢٧٨] وأنّ مثله: وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون. وهذا قول لا يعرّج عليه، ولا يعرف أحد من النحويين «إن» بمعنى «إذ» وإنّما تلك «أن» فغلط وبينهما فصل في اللغة والأحكام عند الفقهاء والنحويين مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ نصب على الحال، وهي حال مقدرة. وزعم الفراء «١» أنه يجوز «محلّقون رؤوسكم ومقصّرون» بمعنى بعضكم كذا وبعضكم كذا وأنشد: [البسيط] ٤٣٠-

وغودر البقل ملويّ ومحصود

«٢»

[[سورة الفتح (٤٨) : آية ٢٨]]

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً (٢٨)

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ قيل: بالحجج والبراهين، وقيل: لا بد أن يكون هذا، وقيل: وقد كان لأن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعث والأديان أربعة فقهرت كلّها في وقته، وفي خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. وفي علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أن المعنى ليظهره على أمر الدّين كلّه أي ليبينه له.

قال أبو جعفر: هذا من أحسن ما قيل في الآية لأنه لا معارضة فيه.

[[سورة الفتح (٤٨) : آية ٢٩]]

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (٢٩)

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ مبتدأ وخبره وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ مثله. وروى قرّة عن الحسن أنه قرأ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ «٣» بالنصب على الحال وخبر «الذين» «تراهم» ، ويجوز أن يكون الذين في موضع نصب بإضمار فعل يفسّره تراهم. رُكَّعاً سُجَّداً على الحال. سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ أي علامتهم.

وأصحّ ما قيل فيه أنّهم يوم القيامة يعرفون بالنور الّذي في وجوههم. وفي الحديث «تأتي أمتي غرّا محجّلين» «٤» ذلِكَ مَثَلُهُمْ مبتدأ وخبره فِي التَّوْراةِ تمام الكلام على


(١) انظر معاني الفراء ٣/ ٦٨.
(٢) مرّ الشاهد رقم (٣٨٤) .
(٣) انظر البحر المحيط ٨/ ١٠٠، ومختصر ابن خالويه ١٤٢.
(٤) أخرجه مالك في الموطأ باب- الحديث ٢٨، وابن ماجة في سننه- الطهارة باب ٦ الحديث (٢٨٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>