للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[سورة المجادلة (٥٨) : آية ١٢]]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢)

روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال: كانوا قد آذوا النبي صلّى الله عليه وسلّم بكثرة سرارهم فأراد الله جلّ وعزّ أن يخفّف عنه فأمرهم بهذا فتوقّفوا عن السّرار ثم وسّع عليهم ولم يضيّق. قال مجاهد: لم يعمل أحد بهذه الآية إلا علي بن أبي طالب رضي الله عنه تصدّق بدينار ثم سار النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ثم نسخت، وقال رحمة الله عليه: بي خفّف عن هذه الأمة. قال لي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «ما ترى أيتصدّق من سارّ بدينار قلت: لا، قال: فبدرهم قلت: لا، قال: بكم؟ قلت: بحبة من شعير، فقال: إنك لزهيد» «١» ثم نزل التخفيف فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ أي لا يكلّف من لا يجد.

[[سورة المجادلة (٥٨) : آية ١٣]]

أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٣)

أصل الإشفاق في اللغة الحذر والخوف ومن هذا لا يحلّ لأحد أن يصف الله جلّ وعزّ بالاشفاق ولا يقول: يا شفيق. قال مجاهد: أأشفقتم أي أشقّ عليكم فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فإذا تاب عليكم لم يؤاخذهم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة أي فافعلوا ما لم يسقط عنكم فرضه وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ أي فيما أمركم به وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ أي فيجازيكم عليه.

[[سورة المجادلة (٥٨) : آية ١٤]]

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤)

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أي ألم تنظر بعين قلبك فتراهم. ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ الضمير يعود على الذين وهم المنافقون ليسوا من المؤمنين أي من أهل دينهم وملّتهم ولا من الذين غضب الله عليهم وهم اليهود وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ يحلفون أنّهم مؤمنون.

[[سورة المجادلة (٥٨) : آية ١٥]]

أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٥)

ما في موضع رفع أي ساء الشيء الذين يعملونه، وهو غشّهم المؤمنين، ونصحهم الكافرين.

[[سورة المجادلة (٥٨) : آية ١٦]]

اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (١٦)

اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً أي اتخذوا حلفهم للمؤمنين أنّهم منهم حاجزا لدمائهم وأموالهم، وهذا معنى فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لأن سبيل الله جلّ وعزّ في أهل الأوثان أن


(١) أخرجه الترمذي في التفسير ١٢/ ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>