للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[سورة الطلاق (٦٥) : آية ٦]]

أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى (٦)

أَسْكِنُوهُنَّ قيل: هذا الضمير يعود على النساء جمع المدخول بهنّ وقيل على المطلقات أقل من ثلاث وإن المطلقات ثلاثا لا سكن لهن ولا نفقة. وبذلك صحّ الحديث عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم رواه الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن فاطمة بنت قيس عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ويستدل على ذلك أيضا بقوله وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فخص الحوامل وحدهن، وأيضا فإنهن إذا طلّقن ثلاثا فهن أجنبيّات فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ شرط ومجازاة. وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ قال سفيان: أي ليحثّ بعضكم بعضا وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ قال السّدي: أي إن قالت المطلقة لا أرضعه لم تكره قال تعالى: فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى.

[[سورة الطلاق (٦٥) : آية ٧]]

لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ ما آتاها سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً (٧)

لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ جاءت لام الأمر مكسورة على بابها وسكنت في فَلْيُنْفِقْ لاتصالها بالفاء ويجوز كسرها أيضا فأجاز الفراء «١» ومن قدر «٢» عليه رزقه فلينفق ممّا آتيه الله أي على قدر ما رزقه الله من التضييق وقد روي عن ابن عباس فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ إن كان له ما يبيعه من متاع البيت باعه وأنفقه. لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها قال السدي: لا يكلّف الله الفقير نفقة الغني، وقال ابن زيد: لا يكلّف الفقير أن يزكّي ويصدّق سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً أي إمّا في الدنيا وإما في الآخرة ليرغب المؤمنون في فعل الخير.

[[سورة الطلاق (٦٥) : آية ٨]]

وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً (٨)

أي مخفوض بالكاف، وصارت كأيّ بمعنى كم للتكثير، والمعنى: وكم من أهل قرية عتوا عن أمر ربهم ثمّ أقيم المضاف إليه مقام المضاف. وقال ابن زيد: عتوا هاهنا عصوا كفروا. والعتو في اللغة التجاوز في المخالفة والعصيان. وقد روى عمرو بن أبي سلمة عن عمر بن سليمان في قوله جلّ وعزّ: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها الآية قال: هؤلاء قوم عذّبوا في الطلاق فَحاسَبْناها أي بالنعم والشكر. حِساباً مصدر. شَدِيداً من نعته. قال ابن زيد: الحساب الشديد: الذي ليس فيه من العفو شيء وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً أي ليس بمعتاد. قال الفراء «٣» : فيه للتقديم والتأخير أي عذّبناها عذابا نكرا في الدنيا وحاسبناها حسابا شديدا في الآخرة.


(١) انظر معاني الفراء ٣/ ١٦٤.
(٢) انظر البحر المحيط ٢/ ٢٨٢ (قرأ الجمهور «قدر» مخفّفا وابن أبي عبلة مشدّد الدال) .
(٣) انظر معاني الفراء ٣/ ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>