للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير متزوّجة جلدت بالسّنّة، وروى معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم سئل عن الأمة التي لم تحصن فقال: «إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها، ثم قال في الثالثة أو الرابعة وبيعوها ولو بضفير» «١» فهذا يبيّن أنّ الله عزّ وجلّ لمّا أوجب على الأمة إذا زنت وقد تزوّجت نصف حدّ الحرّة أشكل عليهم أمرها إذا لم تتزوج فسألوا عنه فأجيبوا أنّ عليها ما على المتزوجة فتبيّن من هذا أن الإحصان هاهنا التزويج، وقد قيل: إن المعنى فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب يعني به المتزوّجات وأن على المتزوّجة الحرّة إذا زنت ضرب مائة بكتاب الله جلّ وعزّ والرّجم بسنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والرّجم لا يتبعّض فوجب أن يكون عليها نصف الجلد. وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ ابتداء وخبر أي الصبر خير لكم. وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ابتداء وخبر.

[[سورة النساء (٤) : آية ٢٦]]

يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٦)

يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ أي ليبيّن لكم أمر دينكم وما يحلّ لكم وما يحرم عليكم وقال بعد هذا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ [النساء: ٢٨] فجاء هذا بأن والأول باللام فقال الفراء «٢» : العرب تأتي باللام على معنى كي في موضع أن في أردت وأمرت فيقولون: أردت أن تفعل وأردت لتفعل لأنهما يطلبان المستقبل، ولا يجوز ظننت لتفعل لأنك تقول: ظننت أن قد قمت. قال أبو إسحاق «٣» : وهذا خطأ ولو كانت اللام بمعنى «أن» لدخلت عليها لام أخرى كما تقول: جئت كي تكرمني، ثم تقول: جئت لتكرمني وأنشدنا: [الطويل] ٩٦-

أردت لكيما يعلم النّاس أنّها ... سراويل قيس والوفود شهود «٤»

قال: والتقدير أراد به ليبيّن لكم. قال أبو جعفر: وزاد الأمر على هذا حتى سمّاها بعض القراء لام «أن» وقيل: المعنى يريد الله هذا من أجل أن يبين لكم مثل وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ [الشورى: ١٥] . وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قال بعض أهل النظر: في هذا دليل على أنّ كلّ ما حرّم قبل هذه الآية علينا قد حرّم على من كان


(١) أخرجه أحمد في مسنده ٤/ ١١٧، والبخاري في صحيحه ٣/ ٩٣ و ٨/ ٢١٣، ومسلم في صحيحه- الحدود ٣٢، وأبو داود في سننه ٤٤٦٩، والبيهقي في سننه ٨/ ٢٤٢.
(٢) انظر معاني الفراء ١/ ٢٦١.
(٣) انظر إعراب القرآن ومعانيه للزجاج ٤٩٧. [.....]
(٤) الشاهد لقيس بن سعد بن عبادة في خزانة الأدب ٨/ ٥١٤، ولسان العرب (سرل) ، والكامل للمبرد ٢/ ٤٥٦، وبلا نسبة في رصف المعاني ٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>