للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في العربية يجزه الله جهنم والدليل على هذا أنّ بعده. وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ أي عاقبه وَلَعَنَهُ أي باعده من رحمته وثوابه.

[[سورة النساء (٤) : آية ٩٤]]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (٩٤)

إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا ويقرأ فتثبّتوا «١» ، وتبيّنوا في هذا أوكد لأن الإنسان قد يتثبّت ولا يتبيّن، وفي «إذا» معنى الشرط وقد يجازى بها كما قال: [الكامل] ١٠٣-

وإذا تصبك خصاصة فتجّمل «٢»

والجيّد أن لا يجازى بها كما قال: [الكامل] ١٠٤-

والنّفس راغبة إذا رغّبتها ... وإذا تردّ إلى قليل تقنع «٣»

وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً هكذا قرأ «٤» ابن عباس وأبو عبد الرّحمن وأبو عمرو بن الغلاء وعاصم الجحدريّ، والحديث يدلّ على ذلك لأنه يروى أن مرداسا الفدكيّ مرّ بغالب فقال: السلام عليكم فقام إليه غالب فقتله وأخذ ماله فأنزل الله جلّ وعزّ: وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً. ومن جيّد ما قيل فيه ما رواه سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس قال: مرّ المسلمون برجل في غنمه فقال: سلام عليكم، فقتلوه وأخذوا غنمه فنزلت وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً هكذا الحديث بالألف. وقرأ أهل الحرمين وأهل الكوفة لمن ألقى إليكم السّلم «٥» وذلك جائز لأنه إذا سلم فقد ألقى السلم والعرب تقول:

ألقى فلان إليّ السّلم أي انقاد واستسلم وقال الله جلّ وعزّ وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ


(١) هذه قراءة حمزة والكسائي والباقون فتبيّنوا، انظر البحر المحيط ٣/ ٣٤٢.
(٢) الشاهد لعبد قيس بن خفاف في الدرر ٣/ ١٠٢، وشرح اختيارات المفضل ١٥٥٨، وشرح شواهد المغني ١/ ٢٧١، ولسان العرب (كرب) ، والمقاصد النحوية ٢/ ٢٠٣، ولحارثة بن بدر الغداني في أما لي المرتضى ١/ ٣٨٣، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ١/ ٣٣٥، وشرح الأشموني ٣/ ٥٨٣، وشرح عمدة الحافظ ص ٣٧٤، ومغني اللبيب ١/ ٩٣، وهمع الهوامع ١/ ٢٠٦، وصدره:
«واستغن ما أغناك ربّك بالغنى» [.....]
(٣) الشاهد لأبي ذؤيب في الدرر ٣/ ١٠٤، وشرح اختيارات المفضّل ص ١٦٩٣، وشرح أشعار الهذليين ١/ ٧، وشرح شواهد المغني ١/ ٢٦٢، ومغني اللبيب ١/ ٩٣، وبلا نسبة في همع الهوامع ١/ ٢٠٦.
(٤) انظر البحر المحيط ٣/ ٣٤٢.
(٥) وهي قراءة نافع وابن عامر وحمزة والكسائي أيضا، انظر تيسير الداني ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>