للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التأنيث. وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أي ولو كان الحق على أنفسكم. أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ عطف بأو. إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا خبر يكن واسمها فيها مضمر أي أن يكون المطالب غنيا، أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما ولم يقل به و «أو» إنما يدلّ على الحصول لواحد، ففي هذا للنحويين أجوبة قال الأخفش: تكون «أو» بمعنى الواو قال: ويجوز أن يكون التقدير إن يكن من تخاصم غنيّين أو فقيرين فقال: غنيا فحمله على لفظ من مثل وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ [محمد: ١٦] والمعنى يستمعون. قال أبو جعفر: والقولان خطأ لا تكون «أو» بمعنى الواو ولا تضمر من كما لا يضمر بعض الاسم، وقيل إنما قال بهما لأنه قد تقدّم ذكرهما كما قال وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ [النساء:

١٢] . أَنْ تَعْدِلُوا في موضع نصب. وقرأ ابن عامر والكوفيون وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا «١» وقد ذكرناه، والفعل منه لوى والأصل فيه لوي قلبت الياء ألفا بحركتها وحركة ما قبلها والمصدر ليّا والأصل لويا وليّانا والأصل لويانا ثم أدغمت الواو وفي الحديث «ليّ الواجد يحلّ عقوبته وعرضه» «٢» قال ابن الأعرابي: عقوبته حبسه وعرضه شكايته، وزعم بعض النحويين أنّ من قرأ (تلوا) بمعنى «تلووا» والأصل: تلؤوا همزت الواو كما يقال: أُقِّتَتْ فصار تلؤوا ثم خفّفت الهمزة فألقيت حركتها على اللام فوجب أن تحذف فصار تلو.

[[سورة النساء (٤) : آية ١٣٧]]

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (١٣٧)

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا اسم «إنّ» والخبر لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ ويقال: الله لا يغفر شيئا من الكفر فكيف قال إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ؟ فالجواب إنّ الكافر إذا آمن غفر له كفره فإذا رجع فكفر لم يغفر له الكفر الأول ومعنى «ثم ازدادوا كفرا» أصرّوا على الكفر. لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا أي طريقا إلى الجنّة وقيل: لا يخصّهم بالتوفيق كما يخصّ أولياءه.

[سورة النساء (٤) : الآيات ١٣٨ الى ١٣٩]

بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٣٨) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً (١٣٩)

بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ نعت للمنافقين وفي هذا دليل على أنّ من عمل معصية من الموحّدين ليس بمنافق لأنه


(١) هي قراءة حمزة أيضا، انظر البحر المحيط ٣/ ٣٨٦.
(٢) أخرجه أحمد في مسنده ٤/ ٢٢٢، والبيهقي في السنن الكبرى ٦/ ٥١، وأبو داود في سننه ٣٦٢٨، والنسائي في سننه ٧/ ٣١٦، والمتقي في كنز العمال (١٥٤٣٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>