للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ إلى آخر الآية يدلّ على أنّ مكة كانت في أيديهم وأنّهم لا ينهون عن هذا إلّا وهم قادرون على الصدّ عن البيت الحرام فوجب من هذا فتح «أن» لأنه لما مضى وأيضا فلو كان للمستقبل لكان بعيدا في اللغة لأنك لو قلت لرجل يخاف من آخر الشتم والضرب والقتل: لا تغضب إن ضربك فلان لكان بعيدا لأنك توهم أن يغضب من الضرب فقط. أَنْ تَعْتَدُوا في موضع نصب لأنه مفعول به أي لا يكسبنّكم شنآن قوم الاعتداء، وأنكر أبو حاتم وأبو عبيد «شنان» بإسكان النون لأن المصادر إنما تأتي في مثل هذا متحركة وخالفهما غيرهما وقال: ليس هذا مصدرا ولكنه اسم فاعل على وزن كسلان وغضبان قال الأخفش: ثم قال عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى فقطعه من أول الكلام.

إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ اسم انّ وخبرها.

[[سورة المائدة (٥) : آية ٣]]

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣)

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ اسم ما لم يسمّ فاعله وما بعده عطف عليه، ويجوز فيما بعده النصب بمعنى وحرّم الله عليكم الدم، والأصل في دم فعل يدلّ على ذلك قول الشاعر: [الوافر] ١١٧-

جرى الدميان بالخبر اليقين «١»

وهو من دمي يدمى مثل: حذر يحذر، وقيل: وزنه فعل بإسكان العين.

وَالنَّطِيحَةُ بالهاء وإن كانت مصروفة عن مفعولة لأنه لم يتقدّمها اسم. وكذا يقول:

خضيبة فإن ذكرت مؤنّثا قلت: رأيت كفّا خضيبا هذا قول الفرّاء، والبصريون يقولون:

جعلت اسما فحذفت منها الهاء كالذبيحة، وقيل: هي بمعنى ناطحة قال الفراء: أهل نجد يقولون «السبع» فيحذفون الضمة. إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ في موضع نصب بالاستثناء وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ وحقيقته في اللغة تستدعوا القسم بالقداح. قال الأخفش وأبو عبيدة:

واحد الأزلام زلم وزلم. ذلِكُمْ فِسْقٌ ابتداء وخبر. الْيَوْمَ ظرف والعامل فيه يئس والتقدير اليوم يئس الذين كفروا من تغيير دينكم وردّكم عنه لما رأوا من استبصاركم بصحّته واغتباطكم به. الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ فدلّ بهذا على أن الإيمان والإسلام أشياء كثيرة، وهذا خلاف قول المرجئة. فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ (من) في موضع رفع


(١) مرّ الشاهد رقم (١٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>