للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخذه عليهم. وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً نصب ببعثنا وعلامة النصب الياء وأعربت اثنا عشر من بين أخواتها لأن المثنى لا يبنى. وَقالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ كسرت «إن» لأنها مبتدأة، ومعكم منصوب لأنه ظرف. لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ لام توكيد ومعناها القسم، وكذا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ وكذا وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ.

[[سورة المائدة (٥) : آية ١٣]]

فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣)

فَبِما نَقْضِهِمْ «ما» زائدة للتوكيد ونَقْضِهِمْ مخفوض بالباء، ويجوز رفعه في غير القرآن أي فالذي هو نقضهم. يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ «١» أي يتأوّلونه على تأويله، ويُحَرِّفُونَ في موضع نصب أي جعلنا قلوبهم قاسية محرفين، قيل: معنى جعلنا قلوبهم قاسية وصفناهم بهذا، ومثله كثير قد حكاه سيبويه وغيره وقد ذكرناه.

وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا استثناء من الهاء والميم اللتين في خائنة منهم قال قتادة: خائنة خيانة. فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ أمر وفي معناه قولان: أحدهما فاعف عنهم واصفح ما دام بينك وبينهم عهد وهم أهل الذمة، والقول الآخر أنه منسوخ بقوله تعالى: وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ [الأنفال: ٥٨] .

[[سورة المائدة (٥) : آية ١٤]]

وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (١٤)

وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ قال سعيد الأخفش هذا كما تقول: من زيد أخذت درهمه. قال أبو جعفر: ولا يجيز النحويون أخذنا ميثاقهم من الذين قالوا إنا نصارى ولا ألينها لبست من الثياب لئلا يتقدّم مضمر على مظهر.

فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ أي تركوا حظّا من الكتاب الذي وعظوا به وذكّروا به، وجعلوا ذلك الترك والتحريف سببا للكفر بمحمد صلّى الله عليه وسلّم. وجمع حظ حظوظ، وسمع عن العرب: أحظ بإسكان الحاء، والأصل: أحظظ فابدل من الضاد ياء، وسمع منهم أحاظ. فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ قيل: يراد به النصارى، وقيل:

اليهود والنصارى لأنه قد تقدّم ذكرهما. والأولى أن يكون للنصارى لأنهم أقرب.

وأحسن ما قيل في معنى فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ أن الله تعالى أمر بعداوة


(١) (الكلم) : وهي قراءة الجمهور وفيها قراءات، فقد قرأها أبو عبد الرّحمن والنخعي (الكلام) ، وقرأ أبو رجاء (الكلم) . انظر البحر المحيط ٣/ ٤٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>