للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما في الكلام حذف تتعلق به لام كي أي ولكن جعل شرائعكم مختلفة ليبلوكم أي ليتعبّدكم آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا أي فاسبقوا الخيرات من قبل أن تعجزوا عنها أو تموتوا أو يذهب وقتها.

[[سورة المائدة (٥) : آية ٤٩]]

وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ (٤٩)

وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وقد كان خيّره قبل هذا فنسخ التخيير بالحتم والدليل على أنّ هذا ناسخ وأنّ على الإمام أن يحكم على أهل الكتاب بالحقّ قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ [النساء: ٣٥] . وَأَنِ احْكُمْ «أن» في موضع نصب عطفا على الكتاب أي وأنزلنا إليك أن احكم بينهم بما أنزل الله أي بحكم الله الّذي أنزله إليك في كتابه. وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ الهاء والميم في موضع نصب يجب أن يكون هذا على قول من قال: حاذر، ويجوز أن يكون على قول من قال:

حذر في قول سيبويه وأنشد: [الكامل] ١٢١-

حذر أمورا لا تضير وآمن ... ما ليس منجيه من الأقدار «١»

أَنْ يَفْتِنُوكَ بدل وإن شئت بمعنى من أن يفتنوك.

[[سورة المائدة (٥) : آية ٥٠]]

أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٥٠)

أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ نصب بيبغون. والمعنى أنّ الجاهلية كانوا يجعلون حكم الشريف خلاف حكم الوضيع وكانت اليهود تقيم الحدود على الضعفاء الفقراء ولا يقيمونها على الأقوياء الأغنياء فضارعوا الجاهلية بهذا الفعل. وَمَنْ أَحْسَنُ ابتداء وخبر. مِنَ اللَّهِ حُكْماً على البيان.

[[سورة المائدة (٥) : آية ٥١]]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥١)

لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ مفعولان وتولّيهم معاضدتهم على المسلمين واختصاصهم، دونهم. بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ابتداء وخبر. وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ أي لأنه قد خالف الله تعالى ورسوله كما خالفوا ووجبت معاداته كما وجبت معاداتهم ووجبت له النار كما وجبت لهم فصار منهم أي من أصحابهم.


(١) الشاهد لأبان اللاحقي في خزانة الأدب ٨/ ١٦٩، ولأبي يحيى اللاحقي في المقاصد النحوية ٣/ ٥٤٣ وبلا نسبة في الكتاب ١/ ١٦٨، وخزانة الأدب ٨/ ١٥٧، وشرح أبيات سيبويه ١/ ٤٠٩، وشرح الأشموني ٢/ ٣٤٢، وشرح المفصل ٦/ ٧١، ولسان العرب (حذر) والمقتضب ٢/ ١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>