للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووعدنا في سورة البقرة وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ حذفت الهاء لأنه عدد لمؤنث. فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً الفائدة في هذا وقد علم أنّ ثلاثين وعشرا أربعون، أنه قد كان يجوز أن تكون العشر غير ليال فلما قال: أربعين ليلة علم أنها ليال، وقيل: هو توكيد، وجواب ثالث هو أحسنها قد كان يجوز أن تكون العشر تتمة لثلاثين فأفاد قوله: فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً أنّ العشر سوى الثلاثين. وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي على البدل، ويجوز «هارون» على النداء، وهو من خلف يخلف أي كن خليفة لي. ويقال: خلف الله عليه بخير إذا مات له من لا يعتاض منه الوالدان، وأخلف الله عليه إذا مات له من يعتاض منه الوالدان، وأخلف الله عليه إذا مات له من يعتاض منه الأخوة ومن أشبهم. وَأَصْلِحْ ألف قطع وكذا أَرِنِي.

فأما أَنْظُرْ فهي ألف النفس فلذلك قطعت وجزم أنظر لأنه جواب. فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ شرط والجواب فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا هذه قراءة أهل المدينة وأهل البصرة ويدلّ على صحتها دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا [الفجر: ٢١] وأنّ الجبل مذكّر، وقرأ أهل الكوفة جعله دكّاء «١» وتقديره في العربية فجعله مثل أرض دكّاء والمذكّر أدك وجمع دكّاء دكّاوات ودكّ. وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً على الحال فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ ويجوز الإدغام. سُبْحانَكَ مصدر. تُبْتُ إِلَيْكَ يقال: تاب إذا رجع، والتوبة أن يندم على ما كان منه وينوي أن لا يعاود ويقلع في الحال عن الفعل، فهذه ثلاث شرائط في التوبة. وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ابتداء وخبر، وقرأ نافع وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ «٢» بإثبات الألف في الإدراج والأولى حذفها في الإدراج، وإثباتها لغة شاذة خارجة عن القياس لأن الألف إنما جيء بها لبيان الفتحة وأنت إذا أدرجت لم تثبت فلا معنى للألف.

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٤٤ الى ١٤٥]

قالَ يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٤٤) وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ (١٤٥)

فَخُذْ ما آتَيْتُكَ لا يقال: أوخذ وهو القياس كما يقال: أومر فلانا، لأنه سمع من العرب هكذا، وقيل: فيه علّة وهي أن الخاء من حروف الحلق وكذا الهمزة. فأما أومر فيقال، وعلى هذا قوله جلّ وعزّ: وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها فإذا قلت: مر فلانا فهذا الأكثر ويجوز أومر.


(١) انظر تيسير الداني ٩٣، والبحر المحيط ٤/ ٣٨٣.
(٢) انظر الإتحاف ١٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>