للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَلِّ عَلَيْهِمْ فيه جوابان: أحدهما أنه منسوخ بقوله جلّ وعزّ وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً [التوبة: ٨٤] ، والآخر أنه غير منسوخ وأنّ المعنى وادع لهم إذا جاءوك بالصدقات، وكذا كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يفعل والعلماء على هذا ويدلّ عليه إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ أي إذا دعوت لهم حين يأتونك بصدقاتهم سكّن ذلك قلوبهم وفرحوا وبادروا رغبة في دعاء النبي صلّى الله عليه وسلّم. وحكى أهل اللغة جميعا فيما علمناه أن الصلاة في كلام العرب الدعاء، ومنه الصلاة على الجنازة.

[[سورة التوبة (٩) : آية ١٠٤]]

أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٠٤)

أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ فتحت (أنّ) يعلموا، ولو كان في خبرها اللام لكسرتها وهي فاصلة وإن شئت مبتدأة.

[[سورة التوبة (٩) : آية ١٠٥]]

وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥)

وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ هذا من رؤية العين لا غير لأنه لم يتعدّ إلا إلى مفعول واحد.

[[سورة التوبة (٩) : آية ١٠٦]]

وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٠٦)

وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ معطوف والتقدير ومنهم آخرون مرجئون لأمر الله من أرجأته أخّرته، ومنه قيل: المرجئة لأنهم أخّروا العمل، ومن قرأ مُرْجَوْنَ «١» فله تقديران: أحدهما أن يكون من أرجيته، وحكى لنا علي بن سليمان عن محمد بن يزيد قال: لا يقال: أرجيته بمعنى أخّرته ولكن يكون من الرجاء. إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ «إما» في العربية لأحد الأمرين، والله جلّ وعزّ عالم بمصير الأشياء ولكن المخاطبة للعباد على ما يعرفون أي ليكن أمرهم عندكم على الرجاء لأنه ليس للعباد أكثر من هذا.

[[سورة التوبة (٩) : آية ١٠٧]]

وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلاَّ الْحُسْنى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١٠٧)

وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً معطوف أي: ومنهم الذين اتخذوا مسجدا، ويجوز أن يكون رفعا بالابتداء، ومن قرأ الَّذِينَ بلا واو وهي قراءة المدنيين فهو


(١) انظر البحر المحيط ٥/ ١٠١، وتيسير الداني ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>