للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدّثنا يوسف بن عديّ قال: حدّثنا محمد بن سهل الكوفي عن ورقاء وهو ابن إياس عن سعيد بن جبير أنه قرأ أَكادُ أُخْفِيها «١» بفتح الهمزة قال: أظهرها وليس لهذه الرواية طريق غير هذا، وقد رواها أبو عبيد عن الكسائي عن محمد بن سهل هذا. وأجود من هذا الإسناد ما رواه يحيى القطّان عن الثوري عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير أنه قرأ أَكادُ أُخْفِيها «٢» بضم الهمزة. قال أبو جعفر: يقال: خفى الشيء يخفيه إذا أظهره، وقد حكي أنه يقال: أخفاه إذا أظهره، وليس بالمعروف. قال أبو جعفر: ورأيت علي ابن سليمان لما أشكل عليه معنى أخفيها عدل إلى هذا القول، وقد قال معناه كمعنى أخفيها أي أظهرها. قال أبو جعفر: ليس المعنى على أظهرها ولا سيّما وأخفيها قراءة شاذة. فكيف نردّ القراءة الصحيحة الشائعة إلى الشاذة؟ ومعنى الضم أولى ويكون التقدير أنّ الساعة آتية أكاد آتي بها، ودلّ آتيه على آتي بها ثم قال جلّ وعزّ: أُخْفِيها على الابتداء. وهذا معنى صحيح لأن الله جلّ وعزّ قد أخفى الساعة التي هي يوم القيامة: والساعة التي يموت فيها الإنسان ليكون الإنسان يعمل، والأمر عنده مبهم ولا يؤخّر التوبة. وقيل: المعنى: أكاد أخفيها أي أقارب ذلك لأنك إذا قلت: كاد زيد يقوم، يجوز أن يكون قام، وأن يكون لم يقم، ودل على أنه قد أخفاها بدلالة غير هذه على هذا الجواب، وقيل: إن المعنى أنّ الساعة آتية لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى وقيل:

المعنى أقم الصلاة لذكري لتجزى كلّ نفس بما تسعى.

[[سورة طه (٢٠) : آية ١٦]]

فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى (١٦)

فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها أي عن الإيمان بها، وبما فيها، مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ أي في الكفر بها فَتَرْدى من ردي يردى إذا هلك.

[سورة طه (٢٠) : الآيات ١٧ الى ١٨]

وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى (١٧) قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى (١٨)

وَما تِلْكَ ابتداء وخبر، وفيه معنى التنبيه. وزعم الفراء أن تلك هاهنا اسم ناقص وصلته: بيمينك. قال أبو جعفر: ورأيت أبا إسحاق يميل إلى هذا القول ويقول به، والمعنى عندهما: وما التي بيمينك. وسمعت علي بن سليمان يقول: سمعت أبا العباس ينكر هذا القول، ويقول: لا يجوز أن توصل الأسماء المبهمة. ويقال:

أَهُشُّ و «أهشّ» .


(١) انظر معاني الفراء ٢/ ١٧٦.
(٢) انظر البحر المحيط ٦/ ٢١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>