للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[سورة النور (٢٤) : آية ٤١]]

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ (٤١)

عطفا على «من» . قال أبو إسحاق: ويجوز «والطير» بمعنى مع الطير، ولم يقرأ به. قال أبو جعفر: وسمعته يجيز قمت وزيدا، بمعنى مع زيد. قال: وهو أجود من الرفع. قال: فإن قلت: قمت أنا وزيد، كان الأجود الرفع، ويجوز النصب. كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ يجوز أن يكون المعنى: كلّ قد علم الله صلاته وتسبيحه. ومن هذه الجهة يجوز نصب كلّ عند البصريين والكوفيين. قال أبو إسحاق: والصلاة للناس والتسبيح لغيرهم ولهم، ويجوز أن يكون المعنى: كلّ قد علم صلاة نفسه وتسبيحه.

[[سورة النور (٢٤) : آية ٤٣]]

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ (٤٣)

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ يقال: «بين» لا يقع إلّا لاثنين فصاعدا فكيف جاء بينه؟ فالجواب أن بينه هاهنا لجماعة السحاب، كما تقول: الشجر حسن، وقد جلست بينه. وفيه قول آخر: وهو، أن يكون السحاب واحدا فجاز أن يقال: بينه لأنه مشتمل على قطع كثيرة كما قال الشاعر: [الطويل] ٣٠٨-

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بسقط اللّوى بين الدّخول فحومل «١»

فأوقع بينا على الدخول وهو واحد لاشتماله على مواضع. هذا قول النحويين، إلا الأصمعي فإنه زعم أن هذا لا يجوز وكان يرويه «بين الدّخول وحومل» ، قرأ ابن عباس والضحاك فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ «٢» وخلل: واحد خلال مثل جمل وجمال، وهو واحد يدلّ على جمع. وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ من قال: إنّ المعنى من جبال برد فيها، فبرد عنده في موضع خفض هكذا يقول الفراء «٣» ، كما تقول: الإنسان من لحم ودم، والإنسان لحم ودم، ويجب أن يكون على قوله: المعنى من جبال برد فيها بتنوين الجبال، لأنه قال: الجبال هي البرد. فأما على قول البصريين


(١) الشاهد لامرئ القيس في ديوانه ٨، والأزهيّة ٢٤٤، وجمهرة اللغة ٥٦٧، والجنى الداني ٦٣، وشرح شواهد الشافية ص ٢٤٢، وشرح شواهد المغني ١/ ٤٦٣، ولسان العرب (آ) ، ومجالس ثعلب ١٢٧، وهمع الهوامع ٢/ ١٢٩، وبلا نسبة في الإنصاف ٢/ ٦٥٦، وأوضح المسالك ٣/ ٣٥٩، وجمهرة اللغة ٥٨٠، والدرر ٦/ ٨٢، ورصف المباني ٣٥٣، وشرح الأشموني ٢/ ٤١٧، وشرح شافية ابن الحاجب ٢/ ٣١٦.
(٢) انظر البحر المحيط ٦/ ٤٢٦. [.....]
(٣) انظر معاني الفراء ٢/ ٢٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>