للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ٢٢ الى ٢٦]

بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ (٢٢) وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ (٢٣) قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (٢٤) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٢٥) وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦)

بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ هذه القراءة التي عليها اجتماع الحجّة واللغة المعروفة. والأمّة: الدّين، ومنه كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً [البقرة: ٢١٣] أي على دين واحد. وقراءة مجاهد وعمر بن عبد العزيز رحمه الله عَلى أُمَّةٍ «١» بكسر الهمزة.

وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ والأصل إننا حذفت النون تخفيفا ومُهْتَدُونَ خبر «إنّ» ويجوز النصب في غير القرآن على الحال، وكذا مُقْتَدُونَ وروى معمر عن قتادة إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها قال: رؤوسهم وأشرافهم. وقرأ يزيد بن القعقاع قل اولو جئناكم «٢» واستبعد أبو عبيد هذه القراءة، واحتجّ بأن قبله «قل» ولم يقل: قلنا والحجّة لهذه القراءة أنّ قبله إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ فخاطبهم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بجئنا لهم عنه وعن الرسل عليهم السلام فقال: أو لو جئناكم. بَراءٌ القراءة التي عليها حجّة الجماعة والسواد، وعن ابن مسعود أنه قرأ إِنَّنِي بَرِيءٌ إلّا أن الفرّاء «٣» قال: إنّ مثل هذا يكتب بالألف، وأجاز في كل همزة أن تكتب ألفا. قال أبو جعفر: هذا شاذّ بعيد يلزم قائله أن يكتب يستهزئ بالألف، وهذا فيه من الأشكال ومخالفة الجماعة أغلظ وأقبح من قرأ برآء قال: في الاثنين والجميع أيضا برآء، والتقدير: إنّني ذو برآء مثل لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ [البقرة: ١٧٧] ومن قال: بريء قال في جمعه برءاء أو برآء على وزن كرماء وكرام. وحكى الكوفيون جمعا ثالثا انفردوا به حكوا: برآء على وزن براع وزعموا أنه محذوف من برءاء.

[[سورة الزخرف (٤٣) : آية ٢٧]]

إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (٢٧)

إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي في موضع نصب على الاستثناء من قول «ما تعبدون» ويجوز أن يكون استثناء منقطعا.

[[سورة الزخرف (٤٣) : آية ٢٨]]

وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٨)

وَجَعَلَها الهاء والألف كناية عن قوله: «إنّني برآء» وما بعده أي وجعل تبرّؤه من كلّ ما يعبدون من دون الله جلّ وعزّ وإخلاصه التوحيد لله عزّ وجلّ.

كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ والفاعل المضمر في «جعلها» يجوز أن يكون عائدا على قوله: الَّذِي فَطَرَنِي أي وجعلها الله تعالى كلمة باقية في عقبه وأهل التفسير على هذا


(١) انظر البحر المحيط ٨/ ١٢.
(٢) انظر تيسير الداني ١٥٩.
(٣) انظر معاني الفراء ٣/ ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>