للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس لي تعذيبه.

[[سورة ق (٥٠) : آية ٣٠]]

يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (٣٠)

يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ سؤال وجواب جيء بهما للتخييل والتصوير، والمعنى أنها مع اتساعها تطرح فيها الجنة والناس فوجاً فوجا حتى تمتلئ لقوله تعالى: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ، أو أنها من السعة بحيث يدخلها من يدخلها وفيها بعد فراغ، أو أنها من شدة زفيرها وحدتها وتشبثها بالعصاة كالمستكثرة لهم والطالبة لزيادتهم. وقرأ نافع وأبو بكر يقول بالياء وال مَزِيدٍ إما مصدر كالمحيد أو مفعول كالمبيع، ويَوْمَ مقدر باذكر أو ظرف ل نُفِخَ فيكون ذلك إشارة إليه فلا يفتقر إلى تقدير مضاف.

[سورة ق (٥٠) : الآيات ٣١ الى ٣٥]

وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (٣١) هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (٣٢) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (٣٣) ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (٣٤) لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ (٣٥)

وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ قربت لهم. غَيْرَ بَعِيدٍ مكاناً غير بعيد، ويجوز أن يكون حالاً وتذكيره لأنه صفة محذوف، أو شيئاً غير بعيد أو على زنة المصدر أو لأن الجنة بمعنى البستان.

هذا مَا تُوعَدُونَ على إضمار القول والإِشارة إلى الثواب أو مصدر أُزْلِفَتِ. وقرأ ابن كثير بالياء.

لِكُلِّ أَوَّابٍ رجاع إلى الله تعالى، بدل من «المتقين» بإعادة الجار. حَفِيظٍ حافظ لحدوده.

مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ بدل بعد بدل أو بدل من موصوف أَوَّابٍ، ولا يجوز أن يكون في حكمه لأن مَنْ لا يوصف به أو مبتدأ خبره:

ادْخُلُوها على تأويل يقال لهم ادْخُلُوها، فإن من بمعنى الجمع وبالغيب حال من الفاعل أو المفعول، أو صفة لمصدر أي خشية ملتبسة بالغيب حيث خشي عقابه وهو غائب، أو العقاب بعد غيب أو هو غائب عن الأعين لا يراه أحد. وتخصيص الرَّحْمنَ للإِشعار بأنهم يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ويخافون عَذَابَهُ، أو بأنهم يخشون مع علمهم بسعة رحمته، ووصف القلب بالإِنابة إذ الاعتبار برجوعه إلى الله. بِسَلامٍ سالمين من العذاب وزوال النعم، أو مسلماً عليكم من الله وملائكته. ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ يوم تقدير الخلود كقوله:

فَادْخُلُوها خالِدِينَ.

لَهُمْ مَّا يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ وهو ما لا يخطر ببالهم مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

[[سورة ق (٥٠) : آية ٣٦]]

وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (٣٦)

وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ قبل قومك. مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً قوة كعاد وثمود وفرعون. فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ فخرقوا في البلاد وتصرفوا فيها، أو جالوا في الأرض كل مجال حذر الموت، فالفاء على الأول للتسبب وعلى الثاني لمجرد التعقيب، وأصل التنقيب التنقير عن الشيء والبحث عنه. هَلْ مِنْ مَحِيصٍ أي لهم من الله أو من الموت. وقيل الضمير في فَنَقَّبُوا لأهل مكة أي ساروا في أسفارهم في بلاد القرون فهل رأوا لهم محيضا حتى يتوقعوا مثله لأنفسهم، ويؤيده أنه قرئ «فنقّبوا» على الأمر، وقرئ «فَنَقَّبُواْ» بالكسر من النقب وهو أن ينتقب خف البعير أي أكثروا السير حتى نقبت أقدامهم أو أخفاف مراكبهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>