للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيره وقيل تهديد مستعار من قولك لمن تهدده سأفرغ لك، فإن المتجرد للشيء كان أقوى عليه وأجد فيه، وقرأ حمزة والكسائي بالياء وقرئ «سنفرغ إليكم» أي سنقصد إليكم. والثَّقَلانِ الإِنس والجن سميا بذلك لثقلهما على الأرض أو لرزانة رأيهما وقدرهما، أو لأنهما مثقلان بالتكليف.

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إن قدرتم أن تخرجوا من جوانب السموات والأرض هاربين من الله فارين من قضائه. فَانْفُذُوا فاخرجوا.

لاَ تَنْفُذُونَ لا تقدرون على النفوذ. إِلَّا بِسُلْطانٍ إلا بقوة وقهر وأنى لكم ذلك، أو إن قدرتم أن تنفذوا لتعلموا ما في السموات والأرض فَانْفُذُوا لتعلموا لكن لاَ تَنْفُذُونَ ولا تعلمون إلا ببينة نصبها الله تعالى فتعرجون عليها بأفكاركم.

[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٣٤ الى ٣٦]

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٤) يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ (٣٥) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٦)

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ أي من التنبيه والتحذير والمساهلة والعفو مع كمال القدرة، أو مما نصب من المصاعد العقلية والمعارج النقلية فتنفذون بها إلى ما فوق السموات العلا.

يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ لهب. مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ ودخان قال:

تُضِيءُ كَضَوْءِ السِرَاجِ السَّلِي ... طِ لَمْ يَجْعَلِ الله فِيهِ نُحَاساً

أو صفر مذاب يصب على رؤوسهم، وقرأ ابن كثير شُواظٌ بالكسر وهو لغة وَنُحاسٌ بالجر عطفاً على نارٍ، ووافقه فيه أبو عمرو ويعقوب في رواية، وقرئ «ونحس» وهو جمع كلحف. فَلا تَنْتَصِرانِ فلا تمتنعان.

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فإن التهديد لطف والتمييز بين المطيع والعاصي بالجزاء والانتقام من الكفار في عداد الآلاء.

[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٣٧ الى ٤٠]

فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ (٣٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٨) فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ (٣٩) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٠)

فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً أي حمراء كوردة وقرئت بالرفع على كان التامة فيكون من باب التجريد كقوله:

وَلَئِنْ بَقِيتُ لأَرْحَلَنَّ بِغَزْوَةٍ ... تَحْوِي الغَنَائِمِ أَوْ يَمُوتَ كَرِيمُ

كَالدِّهانِ مذابة كالدهن وهو اسم لما يدهن به كالحزام، أو جمع دهن وقيل هو الأديم الأحمر.

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ أي مما يكون بعد ذلك.

فَيَوْمَئِذٍ أي فيوم تنشق السماء. لاَّ يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ لأنهم يعرفون بسيماهم وذلك حين ما يخرجون من قبورهم ويحشرون إلى الموقف ذوداً ذوداً على اختلاف مراتبهم، وأما قوله تعالى: فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ ونحوه فحين يحاسبون في المجمع، والهاء للإِنس باعتبار اللفظ فإنه وإن تأخر لفظاً تقدم رتبة.

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ أي مما أنعم الله على عباده المؤمنين في هذا اليوم.

[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٤١ الى ٤٦]

يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ (٤١) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٢) هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (٤٣) يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (٤٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٥)

وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (٤٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>