للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجمعها ستة أشياء على الماضي من الذنوب الندامة، وللفرائض الإعادة، ورد المظالم، واستحلال الخصوم، وأن تعزم على أن لا تعود، وأن تربي نفسك في طاعة الله كما ربيتها في المعصية.

عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذكر بصيغة الأطماع جرياً على عادة الملوك، وإشعاراً بأنه تفضل والتوبة غير موجبة وأن العبد ينبغي أن يكون بين خوف ورجاء. يَوْمَ لاَّ يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ ظرف ل يُدْخِلَكُمْ. وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ عطف على النبي عليه الصلاة والسلام إحماداً لهم وتعريضاً لمن ناوأهم، وقيل مبتدأ خبره: نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ أي على الصراط. يَقُولُونَ إذا طفئ نور المنافقين. رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وقيل تتفاوت أنوارهم بحسب أعمالهم فيسألون إتمامه تفضلا.

[سورة التحريم (٦٦) : الآيات ٩ الى ١٠]

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٩) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (١٠)

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ بالسيف وَالْمُنافِقِينَ بالحجة. وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ واستعمل الخشونة فيما تجاهدهم به إذا بلغ الرفق مداه. وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ جهنم أو مأواهم.

وضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ مَثَّلَ الله تعالى حالهم في أنهم يعاقبون بكفرهم ولا يحابون بما بينهم وبين النبي عليه الصلاة والسلام والمؤمنين من النسبة بحالهما. كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ يريد به تعظيم نوح ولوط عليهما السلام. فَخانَتاهُما بالنفاق. فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً فلم يغن النبيان عنهما بحق الزواج شيئاً إغناء ما. وَقِيلَ أي لهما عند موتهما أو يوم القيامة.

ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ مع سائر الداخلين من الكفرة الذين لا وصلة بينهم وبين الأنبياء عليهم السلام.

[سورة التحريم (٦٦) : الآيات ١١ الى ١٢]

وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (١١) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ (١٢)

وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ شبه حالهم في أن وصلة الكافرين لا تضرهم بحال آسية رضي الله عنها ومنزلتها عند الله مع أنها كانت تحت أعدى أعداء الله. إِذْ قالَتْ ظرف للمثل المحذوف.

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ قريباً من رحمتك أو في أعلى درجات المقربين. وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ من نفسه الخبيثة وعمله السيئ. وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ من القبط التابعين له في الظلم.

وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ عطف على امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ تسلية للأرامل. الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها من الرجال فَنَفَخْنا فِيهِ في فرجها، وقرئ «فيها» أي في مَرْيَمَ أو في الجملة. مِنْ رُوحِنا من روح خلقناه بلا توسط أصل. وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها بصحفه المنزلة أو بما أوحى إلى أنبيائه. وَكُتُبِهِ وَما كتب في اللوح المحفوظ، أو جنس الكتب المنزلة وتدل عليه قراءة البصريين وحفص بالجمع، وقرئ «بكلمة الله وكتابه» أي بعيسى عليه السلام والإِنجيل. وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ من عداد المواظبين على الطاعة، والتذكير للتغليب والإشعار بأن طاعتها لم تقصر عن طاعة الرجال الكاملين حتى عدت من جملتهم، أو من نسلهم فتكون مِنْ ابتدائية.

<<  <  ج: ص:  >  >>