للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من التفرق حال من الضمير أو السلم لأنها تؤنث كالحرب قال:

السِّلْمُ تأخذ منها ما رضيت به ... والحرب يكفيك من أَنَفَاسِهَا جُرَعُ

والمعنى استسلموا لله وأطيعوه جملة ظاهراً وباطناً، والخطاب للمنافقين، أو ادخلوا في الإسلام بكليتكم ولا تخلطوا به غيره. والخطاب لمؤمني أهل الكتاب، فإنهم بعد إسلامهم عظموا السبت وحرموا الإِبل وألبانها، أو في شرائع الله كلها بالإيمان بالأنبياء والكتب جميعاً والخطاب لأهل الكتاب، أو في شعب الإِسلام وأحكامه كلها فلا تخلوا بشيء والخطاب للمسلمين. وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ بالتفرق والتفريق. إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ظاهر العداوة.

فَإِنْ زَلَلْتُمْ عن الدخول في السلم. مِنْ بَعْدِ مَا جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ الآيات والحجج الشاهدة على أنه الحق. فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ لا يعجزه الانتقام. حَكِيمٌ لا ينتقم إلا بحق.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢١٠]]

هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٢١٠)

هَلْ يَنْظُرُونَ استفهام في معنى النفي ولذلك جاء بعده. إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ أي يأتيهم أمره أو بأسه كقوله تعالى: وْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ

فَجاءَها بَأْسُنا أو يأتيهم الله ببأسه فحذف المأتي به للدلالة عليه بقوله تعالى: أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فِي ظُلَلٍ جمع ظلة كقلة وقلل وهي ما أظلك، وقرئ «ظلال» كقلال. مِنَ الْغَمامِ السحاب الأبيض وإنما يأتيهم العذاب فيه لأنه مظنة الرحمة، فإذا جاء منه العذاب كان أفظع لأن الشر إذا جاء مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ كان أصعب فكيف إذا جاء من حيث يحتسب الخير. وَالْمَلائِكَةُ فإنهم الواسطة في إتيان أمره، أو الآتون على الحقيقة ببأسه. وقرئ بالجر عطفاً على ظُلَلٍ أو الْغَمامِ.

وَقُضِيَ الْأَمْرُ أتم أمر إهلاكهم وفرغ منه، وضع الماضي موضع المستقبل لدنوه وتيقن وقوعه. وقرئ و «قضاء الأمر» عطفاً على الملائكة. وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم على البناء للمفعول على أنه من الراجع، وقرأ الباقون على البناء للفاعل بالتأنيث غير يعقوب على أنه من الرجوع، وقرئ أيضاً بالتذكير وبناء المفعول.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢١١]]

سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢١١)

سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ أمر للرسول صلّى الله عليه وسلّم، أو لكل أحد والمراد بهذا السؤال تقريعهم. كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ معجزة ظاهرة، أو آية في الكتب شاهدة على الحق والصواب على أيدي الأنبياء، وكَمْ خبرية أو استفهامية مقررة ومحلها النصب على المفعولية أو الرفع بالابتداء على حذف العائد من الخبر إلى المبتدأ. وآية مميزها. ومن للفصل. وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ أي آيات الله فإنها سبب الهدى الذي هو أجل النعم، يجعلها سبب الضلالة وازدياد الرجس، أو بالتحريف والتأويل الزائغ. مِنْ بَعْدِ مَا جاءَتْهُ من بعد ما وصلت إليه وتمكن من معرفتها، وفيه تعريض بأنهم بدلوها بعد ما عقلوها ولذلك قيل تقديرها فبدلوها وَمَنْ يُبَدِّلْ.

فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ فيعاقبه أشد عقوبة لأنه ارتكب أشد جريمة.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢١٢]]

زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (٢١٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>