للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يزعمون ذلك تصريحاً لا تعريضاً، أي ليس هو نازلاً من عنده. وهذا لا يقتضي أن لا يكون فعل العبد فعل الله تعالى. وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ تأكيد وتسجيل عليهم بالكذب على الله والتعمد فيه.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ٧٩]]

ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (٧٩)

ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ تكذيب ورد على عبده عيسى عليه السلام.

وقيل (أن أبا رافع القرظي والسيد النجراني قالا: يا محمد أتريد أن نعبدك ونتخذك رباً، فقال: معاذ الله أن نعبد غير الله وأن نأمر بعبادة غير الله، فما بذلك بعثني ولا بذلك أمرني) فنزلت.

وقيل (قال رجل يا رسول الله نسلم عليك كما يسلم بعضنا على بعض أفلا نسجد لك. قال: لا ينبغي أن يسجد لأحد مِن دُونِ الله ولكن أكرموا نبيكم واعرفوا الحق لأهله)

وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ ولكن يقول كونوا ربانيين، والرباني منسوب إلى الرب بزيادة الألف والنون كاللحياني والرقباني وهو الكامل في العلم والعمل. بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ بسبب كونكم معلمين الكتاب وبسبب كونكم دارسين له، فإن فائدة التعليم والتعلم معرفة الحق والخير للاعتقاد والعمل، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب تعلمون بمعنى عالمين. وقرئ «تَدْرُسُونَ» من التدريس وتدرسون من أدرس بمعنى درس كأكرم وكرم، ويجوز أن تكون القراءة المشهورة أيضاً بهذا المعنى على تقدير وبما كنتم تدرسونه على الناس.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ٨٠]]

وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (٨٠)

وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً نصبه ابن عامر وحمزة وعاصم ويعقوب عطفاً على ثم يقول، وتكون لا مزيدة لتأكيد معنى النفي في قوله مَا كانَ، أي ما كان لبشر أن يستنبئه الله ثم يأمر الناس بعبادة نفسه ويأمر باتخاذ الملائكة والنبيين أرباباً، أو غير مزيدة على معنى أنه ليس له أن يأمر بعبادته ولا يأمر باتخاذ أكفائه أرباباً، بل ينهى عنه وهو أدنى من العبادة. ورفعه الباقون على الاستئناف، ويحتمل الحال وقرأ أبو عمرو على أصله برواية الدوري باختلاس الضم. أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ إنكار، والضمير فيه للبشر وقيل لله.

بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ دليل على أن الخطاب للمسلمين وهم المستأذنون لأن يسجدوا له.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ٨١]]

وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٨١)

وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قيل إنه على ظاهره، وإذا كان هذا حكم الأنبياء كان الأمم به أولى. وقيل معناه أنه تعالى أخذ الميثاق من النبيين وأممهم واستغنى بذكرهم عن ذكر الأمم. وقيل إضافة الميثاق إلى النبيين إضافته إلى الفاعل، والمعنى وإذ أخذ الله الميثاق الذي وثقه الأنبياء على أممهم. وقيل المراد أولاد النبيين على حذف المضاف، وهم بنو إسرائيل، أو سماهم نبيين تهكماً لأنهم كانوا يقولون نحن أولى بالنبوة من محمد لأنا أهل الكتاب والنبيون كانوا منا، واللام في لَما موطئه للقسم لأن أخذ الميثاق بمعنى الاستحلاف، وما تحتمل الشرطية ولتؤمنن ساد مسد جواب القسم والشرط وتحتمل الخبرية. وقرأ حمزة «لما» بالكسر على أن ما مصدرية أي لأجل إيتائي إياكم بعض الكتاب، ثم مجيء رسول مصدق له أخذ الله الميثاق لتؤمنن به ولتنصرنه، أو موصولة والمعنى أخذه للذي آتيتكموه وجاءكم رسول مصدق له. وقرئ «لما» بمعنى حين

<<  <  ج: ص:  >  >>