للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علمه فيجازيكم مما أنتم أهله. وقرئ بالياء أي بِما يَعْمَلُونَ، في عداوتكم عليم فيعاقبهم عليه.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ١٢١]]

وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٢١)

وَإِذْ غَدَوْتَ أي واذكر إذ غدوت. مِنْ أَهْلِكَ أي من حجرة عائشة رضي الله عنها. تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ تنزلهم. أو تسوي وتهيئ لهم ويؤيده القراءة باللام. مَقاعِدَ لِلْقِتالِ مواقف وأماكن له، وقد يستعمل المقعد والمقام بمعنى المكان على الاتساع كقوله تعالى: فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ وقوله تعالى: قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ. وَاللَّهُ سَمِيعٌ لأقوالكم. عَلِيمٌ بنياتكم

روي (أن المشركين نزلوا بأحد يوم الأربعاء.

ثاني عشر شوال سنة ثلاث من الهجرة. فاستشار الرسول عليه الصلاة والسلام أصحابه، وقد دعا عبد الله بن أبي بن سلول ولم يدعه قبل فقال هو وأكثر الأنصار: أقم يا رسول الله بالمدينة ولا تخرج إليهم، فو الله ما خرجنا منها إلى عدو إلا أصاب منا، ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه فكيف وأنت فينا؟ فدعهم فإن أقاموا أقاموا بشر محبس، وإن دخلوا قاتلهم الرجال ورماهم النساء والصبيان بالحجارة، وإن رجعوا رجعوا خائبين. وأشار بعضهم إلى الخروج فقال عليه الصلاة والسلام: «رأيت في منامي بقرة مذبوحة حولي فأولتها خيراً، ورأيت في ذباب سيفي ثلماً فأولته هزيمة، ورأيت كأني أدخلت يدي في درع حصينة فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم، فقال رجال فاتتهم بدر وأكرمهم الله بالشهادة يوم أحد اخرج بنا إلى أعدائنا. وبالغوا حتى دخل ولبس لامته، فلما رأوا ذلك ندموا على مبالغتهم وقالوا: اصنع يا رسول الله ما رأيت فقال «لا ينبغي لنبي أن يلبس لامته فيضعها حتى يقاتل» . فخرج بعد صلاة الجمعة وأصبح بشعب أُحُد يوم السبت، ونزل في عدوة الوادي وجعل ظهره وعسكره إلى أحد وسوى صفهم، وَأَمَّر عبد الله بن جبير على الرماة وقال: انضحوا عنا بالنبل لا يأتونا من ورائنا)

. [سورة آل عمران (٣) : آية ١٢٢]

إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُما وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٢٢)

إِذْ هَمَّتْ متعلق بقوله: سَمِيعٌ عَلِيمٌ أو بدل من إِذْ غدوت. طائِفَتانِ مِنْكُمْ بنو سلمة من الخزرج، وبنو حارثة من الأوس وكانا جناحي العسكر. أَنْ تَفْشَلا أن تجبنا وتضعفا.

روي (أنه عليه الصلاة والسلام خرج في زهاء ألف رجل ووعد لهم النصر إن صبروا، فلما بلغوا الشوط انخذل ابن أبي في ثلاثمائة رجل وقال: علام نقتل أنفسنا وأولادنا، فتبعهم عمرو بن حزم الأنصاري وقال: أنشدكم الله والإِسلام في نبيكم وأنفسكم. فقال: ابن أبي لو نعلم قتالاً لاتبعناكم، فهم الحيان باتباعه فعصمهم الله فمضوا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم) .

والظاهر أنها ما كانت عزيمة لقوله تعالى: وَاللَّهُ وَلِيُّهُما أي عاصمهما من اتباع تلك الخطرة، ويجوز أن يراد والله ناصرهما فما لهما يفشلان ولا يتوكلان على الله. وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ أي فليتوكلوا عليه ولا يتوكلوا على غيره لينصرهم كما نصرهم ببدر.

[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٢٣ الى ١٢٤]

وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢٣) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ (١٢٤)

وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ تذكير ببعض ما أفادهم التوكل. وبدر ماء بين مكة والمدينة كان لرجل يسمى بدراً فسمي به. وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ حال من الضمير، وإنما قال أذلة ولم يقل ذلائل تنبيهاً على قلتهم مع ذلتهم لضعف الحال وقلة المراكب والسلاح. فَاتَّقُوا اللَّهَ في الثياب. لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ بتقواكم ما أنعم به عليكم من نصره، أو لعلكم بنعم الله عليكم فتشكرون، فوضع الشكر موضع الأنعام لأنه سببه.

إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ ظرف لنصركم. وقيل بدل ثان من إذ غدوت على أن قوله لهم يوم أحد وكان مع

<<  <  ج: ص:  >  >>